لنا الفراض حتى تتلاحق به الناس لكيلا يمنعوهم من الخروج فانتدب له عاصم ابن عمرو ذو البأس وانتدب بعده ستمائة من أهل النجدات فاستعمل عليهم عاصما فسار فيهم حتى وقف على شاطئ دجلة وقال من ينتدب معي لنمنع الفراض من عدوكم ولنحميكم حتى تعبروا فانتدب له ستون منهم أصم بنى ولاد وشرحبيل في أمثالهم فجعلهم نصفين على خيول إناث وذكورة ليكون أساس لعوم الخيل ثم اقتحموا دجلة واقتحم بقية الستمائة على أثرهم فكان أول من فصل من الستين أصم التيم والكلج وأبو مفزر وشرحبيل وحجل العجلي ومالك بن كعب الهمداني وغلام من بني الحارث بن كعب فلما رآهم الأعاجم وما صنعوا أعدوا للخيل التي تقدمت سعدا مثلها فاقتحموا عليهم دجلة فأعاموها إليهم فلقوا عاصما في السرعان وقد دنا من الفراض فقال عاصم الرماح الرماح أشرعوها وتوخوا العيون فالتقوا فاطعنوا وتوخى المسلمون عيونهم فولوا نحو الجد والمسلمون يشمصون بهم خيلهم ما يملك رجالها منع ذلك منها شيئا فلحقوا بهم في الجد فقتلوا عامتهم ونجا من نجا منهم عورانا وتزلزلت بهم خيولهم حتى انتقضت عن الفراض وتلاحق الستمائة بأوائلهم الستين غير متعتعين ولما رأى سعد عاصما على الفراض قد منعها أذن للناس في الاقتحام وقال قولوا نستعين بالله ونتوكل عليه حسبنا الله ونعم الوكيل لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وتلاحق عظم الجند فركبوا اللجة وان دجلة لترمى بالزبد وانها لمسودة وإن الناس ليتحدثون في عومهم وقد اقتربوا ما يكترثون كما يتحدثون في مسيرهم على الأرض ففجأوا أهل فارس بأمر لم يكن في حسابهم فأجهضوهم وأعجلوهم عن جمهور أموالهم ودخلها المسلمون في صفر سنة ستة عشر واستولوا على ذلك كله مما بقى في بيوت كسرى من الثلاثة آلاف ألف ألف ومما جمع شيرى ومن بعده وفي ذلك يقول أبو بجيدة نافع بن الأسود وأسلنا على المدائن خيلا * بحرها مثل برهن أريضا فانتثلنا خزائن المرء كسرى * يوم ولوا وحاص منا جريضا
(١٢٠)