جرى فيه تدليس ى وهذا أصعب الأحوال ولا يعرف ذلك إلا النقاد، وذلك ينقسم إلى قسمين:
(أحدهما) أن يكون بعض الزنادقة أو بعض الكذابين قد دس ذلك الحديث في حديث بعض الثقات، فحدث به بسلامة صدره ظنا منه أنه من حديثه وقد ابتلى جماعة من السلف بمثل هذا.
قال ابن عدى: كان ابن أبي العوجا ربيب حماد بن سلمة فكان يدس في كتبه أحاديث.
وقال أبو حاتم بن حبان الحافظ: امتحن جماعة من أهل المدينة بحبيب بن أبي حبيب الوراق، كان يدخل عليهم. وكان لعبد الله بن ربيعة القدالى [الغداني] ابن سوء يدخل عليه الحديث. وكان لسفيان بن وكيع بن الجراح وراق يقال له فرطيه [قرطبة] يدخل عليه الحديث. وكان عبد الله بن صالح كاتب الليث صدوقا، لكن وقعت المناكير في حديثه من قبل جار له، سمعت ابن خزيمة يقول: كان له جار بينه وبينه عداوة وكان يضع الحديث على شيخ عبد الله ابن صالح ويكتبه في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله ويطرحه في داره في وسط كتبه فيجده عبد الله فيتوهم أنه خطه فيتحدث به، وهذا نوع من التغفل، وقد يزيد تغفيل المحدث فيلقن فيتلقن، ويرتفع التغفيل إلى مقام هو الغاية وهو أن يلقن المستحيل فيتلقنه.
أنبأنا يحيى بن علي المدبر أبو محمد بن أبي عثمان قال أنبأنا أبو أحمد بن عبيد الله بن محمد الغرضي [القرطبي] قال حدثنا أبو صالح سهل بن إسماعيل الطرسوسي قال حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال حدثنا الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي قال قيل لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك عن جدك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا وصلت خلف المقام ركعتين؟ قال: نعم.