فلما خلا بهرام بخاقان شكر له ما كان منه، وقال: (لقد أرحتني ممن كان يتمنى موتي، ليستبد بالملك دون ولدي، ثم زاده إكراما ومنزله وبرا، وعظم قدر بهرام بأرض الترك، واتخذ ميدانا على باب قصره، واتخذ الجواري والقيان والجوارح. وكان من أكرم الناس على خاقان.
وإن كسرى عند انهزام بهرام وهربه أكرم ثيادوس، ومن معه، فأحسن جوائزهم وصلاتهم، وسرحهم إلى بلادهم، وولى خاله بندوية دواوينه وبيوت أمواله، ونفذ أمره في جميع المملكة، وولى خاله بسطام أرض خراسان وقومس وجرجان وطبرستان، ووجه عماله في الآفاق، ووضع عن الناس نصف الخراج.
ولما بلغ كسرى عظيم قدر بهرام عند خاقان وجسيم منزلته ببلاد الترك خافه أن يستجيش ويعود إلى محاربته، فوجه هرمزد جرابزين إلى خاقان وافدا في تجديد العهد، ووجه معه بألطاف وطرف، وأمره أن يتلطف بخاقان حتى يفسد قلبه على بهرام.
فسار هرمزد جرابزين حتى دخل على خاقان، ومعه كتاب كسرى، وأوصل إليه هدايا كسرى وألطافه، فقبلها خاقان، وأمره بالمقام ليقضي حوائجه، فكان هرمزد يدخل على خاقان مع وفود الملوك، فيحييه بتحية الملك. ثم إنه دخل ذات يوم، فرآه جالسا، فقال: أيها الملك، إني أراك قد استصفيت بهرام وأسنيت منزلته، ولم تفعل به من ذلك شيئا إلا وما كان فعل به ملكنا أكثر منه، فكان جزاؤه منه أن خلعه، وأراد سفك دمه