بقتلك، ومع ذلك كتاب قرميسيا ملك الهند إلينا يعلمنا أن في انقضاء سنة ثمان وثلاثين من ملكنا يفضي إليك هذا الأمر، فكتمنا ذلك الكتاب عنك، مع علمنا أنه لا يفضى إليك إلا بهلاكنا، وذلك الكتاب مع قضية مولدك عند شيرين صاحبتنا، فإن أردت فدونك، فاقرأهما لتزداد حسرة وثبورا، وأما ما ذكرت من كفراني نعمة قيصر بمنعى ولده وأهل بيته خشبة الصليب، فأيها المائق، إن أكثر من ذلك الخشب ثلاثون ألف ألف درهم فرقتها في رجال الروم الذين قدموا معي، وألف ألف درهم هدايا وجهتها إلى قيصر، ومثل ذلك وصلت ابنه ثيادوس عند رجوعه إلى مملكته، أفكنت أجود لهم بخمسين ألف ألف درهم وأبخل بخشبة لا تساوي شيئا؟ إنما احتبستها لأرتهن بها طاعتهم، ولينقادوا لي في جميع ما أريده منهم لعظيم قدر الخشبة عندهم، وأما غضبي لقيصر وطلبي بثأره، فقد قتلت به من الروم ما لم يحص عدده، وأما قولك في أولئك المرازبة ورؤساء الأساورة الذين هممت بقتلهم فإن أولئك اصطنعتهم ثلاثين سنة، وأسنيت أعطياتهم وأعظمت حبوتهم (1) فلم أحتج إليهم في طول دهري إلا ذلك اليوم الذي فشلوا فيه وخاموا (2)، فسل أيها الأخرق فقهاء هذه الملة عمن قصر في نصرة ملكه، وخام عن محاربة عدوه، فسيخبرونك انهم لا يستوجبون العفو ولا الرحمة، فأما ما عنفتني به من جمع الأموال فإن هذا الخراج لم يكن مني بدعة، ولم يزل الملوك يجبونه قبلي ليكون قوة للملك وظهرا للسلطان، فإن ملكا من ملوك الهند كتب إلى جدي أنوشروان:
أن مملكتك شبيهة بباغ عامر عليه حائط وثيق، وباب منيع، فإذا انهدم ذلك الحائط أو تكسرت الأبواب لم يؤمن أن ترعى فيه الحمير والبقر. وإنما عنى بالحائط الجنود، وبأبوابه الأموال. فاحتفظ أيها السخيف العقل بتلك الأموال، فإنها حصن للملك، وقوام للسلطان، وظهير على الأعداء، ومفخرة عند الملوك، وأما ما زعمت من قتلى النعمان بن المنذر، وإزالتي الملك عن آل عمرو بن عدي إلى إياس