فلما سمع بسطام ذلك الكلام أصغى إليه، وأجابهم إلى ما عرضوا عليه، فزوجوه كردية، وأجلسوه على سرير الذهب، وعقدوا على رأسه التاج، وبايعوه عن آخرهم، ودعوه ملكا، وتابعه أشراف البلاد، وانحلب إليه جيلان والبير والطيلسان (1)، وقوم كثير من أهل بيته من ناحية العراق ممن كان يهواه ويهوى أخاه، حتى صار في مائة ألف رجل.
فخرج إلى الدستبي (2) وأقام بها، وبث السرايا في أرض الجبل، حتى بلغوا حلوان والصيمرة (3) وماسبذان، وهرب عمال كسرى، وتحصن الدهاقين في الحصون ورؤوس الجبال.
وبلغ ذلك كسرى، فسقط في يده، وعلم أنه لم يأخذ وجه الأمر في قتله بندوية، فأخذ الأمر من قبل الخديعة، فكتب إلى بسطام: (أنه قد بلغني مصيرك إلى الغدرة الفسقة، أصحاب الفاسق بهرام، وتزيينهم لك مالا يليق بك، ثم حملوك على الخروج على المملكة والعيث فيها والفساد من غير أن تعلم ما أنوى لك، وما انطوى عليه في بابك، فدع التمادي في الغي وأقبل إلي آمنا، ولا يوحشنك قتل أخيك بندوية).
. فأجابه بسطام: (أن قد أتاني كتابك بما خبرت به من خديعتك، وسطرت من مكيدتك، فمت بغيظك، وذق وبال أمرك، واعلم أنك لست بأحق بهذا الأمر مني، بل أنا أحق به منك، لأني ابن دارا مقارع الإسكندر، غير إنكم يا بني ساسان غلبتمونا على حقنا وظلمتمونا، وإنما كان أبوكم ساسان راعي غنم، ولو علم أبوه بهمن فيه خيرا ما زوى (4) عنه الملك إلى أخته (خماني) . فلما ورد كتابه على كسرى علم ألا طمع فيه، فوجه إليه ثلاثة قواد في ثلاثة عساكر، كل عسكر اثنا عشر ألف رجل، فنفذ العسكر الأول، وعليه سابور