وعطف عليه بهرام في أصحابه، فاقتتلوا، فانهزم سابور، ومضى بهرام على وجهه، فمر في طريقه بقرية، فنزلها، ونزل هو ومردان سينه ويزدجشنس بيت عجوز، فأخرجوا طعاما لهم، فتعشوا وأطعموا فضلته العجوز، ثم أخرجوا شرابا، فقال بهرام للعجوز: (أما عندك شئ نشرب فيه؟)، قالت: (عندي قرعة صغيرة)، فأتتهم بها، فجبوا رأسها، وجعلوا يشربون فيها، ثم أخرجوا نقلا (1)، وقالوا للعجوز: (أما عندك شئ يجعل عليه النقل؟) فأتتهم بمنسف (2)، فألقوا فيه ذلك النقل، فأمر بهرام، فسقيت العجوز، ثم قال لها:
(ما عندك من الخبر أيتها العجوز؟)، قالت: (الخبر عندنا أن كسرى أقبل بجيش من الروم، فحارب بهرام، فغلبه، واسترد منه ملكه)، قال بهرام:
(فما قولك في بهرام؟)، قالت: (جاهل، أحمق، يدعي الملك، وليس من أهل بيت المملكة).
قال بهرام: (فمن أجل ذلك يشرب في القرع، ويتنقل من المنسف).
فجرى مثلا في العجم يتمثلون به.
وسار بهرام حتى انتهى إلى أرض قومس (3)، وبها قارن الجبلي النهاوندي وكان والي خراسان على حربها وخراجها، وعلى قومس وجرجان، وكان شيخا كبيرا قد أناف على المائة، وكان على تلك الناحية من قبل كسرى أنو شروان. ثم أقره هرمزد بن كسرى، فلما أفضى الأمر إلى بهرام عرف له قدره في العجم، وفضله، فأقره مكانه.
فلما انتهى بهرام إليه وجه قارن ابنه في عشرة آلاف فارس، فحالوا بين بهرام وبين النفوذ، فأرسل إليه بهرام (ما هذا جزائي منك، إذ أقررتك على عملك؟) فأرسل إليه قارن: (أن ما على من حق الملك كسرى وحق