وأن القوم اقتتلوا يومين، فلما كان في اليوم الثالث دعا بهرام كسرى إلى المبارزة، فهم كسرى أن يفعل، فمنعه ثيادوس، وأبى كسرى، فخرج إلى بهرام، فتطاردا ساعة.
ثم إن كسرى ولى منهزما، وعارضه بهرام فاقتطعه عن أصحابه، ومضى كسرى نحو جبل، وبهرام في أثره يهتف به، وبيده السيف، وهو يقول:
(إلى أين يا فاسق؟). فجمع كسرى نفسه، فساعدته القوة على تسنم الجبل، فلما نظر بهرام إلى كسرى قد علا ذروة الجبل علم أنه قد نصر عليه، فانصرف خاسئا، وهبط كسرى من جانب آخر حتى أتى أصحابه، ثم ابتكر (1) الفريقان على مصافهم في اليوم الرابع، فاقتتلوا، فكان الظفر لكسرى.
وانصرف بهرام في جنوده منهزما إلى معسكره، فقال بندوية لكسرى:
(أيها الملك، إن الجنود الذين مع بهرام لو قد أمنوك على أنفسهم انحازوا إليك، فائذن لي أن أعطيهم الأمان عنك)، فأذن له.
فلما أمسى بندوية أقبل حتى وقف على رابية مشرفة على معسكر بهرام، ثم نادى بأعلى صوته: (أيها الناس، أنا بندوية بن سابور، وقد أمرني الملك كسرى أن أعطيكم الأمان، فمن انحاز إلينا منكم في هذه الليلة فهو آمن على نفسه وأهله وماله). ثم انصرف.
فلما أظلم الليل على أصحاب بهرام تحملوا حتى لحقوا بمعسكر كسرى إلا مقدار أربعة آلاف رجل، فإنهم أقاموا مع بهرام.
ولما أصبح بهرام نظر إلى معسكره خاليا قال: (الآن حسن الفرار).
فارتحل في أصحابه الذين أقاموا معه، وفيهم مردان سينه ويزدجشنس، وكانا من فرسان العجم.
فوجه كسرى في طلبه سابور بن أبركان في عشرة آلاف فارس، فلحقه،