فكان لا يخرج ذلك اليوم من منزله، ولا يأذن لأحد إلا لثقاته وخاصته، فدخل الإذن، فأعلمه أن رسول الملكة يطلب الإذن، فأذن له، فدخل، فحيا بهرام وقال: (إن الملكة قد وجهتني إليك برسالة، فأخلني).
فقام من عند بهرام، فخرجوا. ودنا التركي منه، كأنه يريد أن يساره، ثم استل الخنجر فبعجه (1) به، وخرج، فركب دابته، ومضى.
ودخل أصحاب بهرام عليه، فصادفوه يستدمي، وبيده ثوب ينشف به الدم، فلما رأوه بتلك الحال بهتوا، وقالوا: (كيف لم تهتف بنا، فنأخذه؟)، فقال: (إنما كان كلبا أمر بشئ فنفذ له)، وقال لهم: (إذا جاء القدر لم يغن الحذر، وقد خلفت عليكم أخي مردان سينه، فأطيعوا أمره).
وأرسل إلى خاقان يعلمه أمره، فأقبل خاقان نحوه والها (2) فصادفه قد مات فواراه في ناووس (3)، وهم بقتل خاتون، فحجز عن ذلك لمكان ولده منها.
وإن أصحاب بهرام تناظروا فيما بينهم، فقالوا: (مالنا عند هؤلاء خير، وما الرأي إلا الخروج عن أرضهم، فإنهم غدرة بالعهد، كفرة للإحسان، والانتقال إلى بلاد الديلم، فإنها أقرب إلى بلادنا، وأمكن للطلب بثأرنا من ملوكنا الذين شردونا)، فسألوا خاقان الإذن لهم في الانصراف، فأذن لهم، وأحسن إليهم، وقواهم، وبذرقهم (4) إلى حدود أرضه.
وكان مع بهرام أخته (كردية)، وكانت من أجمل نساء العجم، وأبرعهن براعة، وأكملهن خلقا، وأفرسهن فروسية، فخرج أصحاب بهرام و كردية أمامهم على دابة بهرام متسلحة بسلاحه، حتى انتهوا إلى نهر جيحون مما يلي خوارزم، فعبروا هناك، وانصرف عنهم الطراخنة، وأخذ أصحاب بهرام