وخرج هرمزد جرابزين ويزدك الكاتب من معسكر بهرام ليلا حتى قدما المدائن، وأخبرا هرمزد الخبر.
ثم إن بهرام سار في جنوده نحو العراق لمحاربة هرمزد الملك حتى ورد مدينة الري فأقام، واتخذ سكة للدراهم بتمثال كسرى أبرويز ابن الملك، وصورته، واسمه، وضرب عليه عشرة آلاف درهم، وأمر بالدراهم، فحملت سرا حتى ألقيت بالمدائن، ففشت في أيدي الناس.
وبلغ ذلك الملك هرمزد، فلم يشك أن ابنه كسرى يحاول الملك، وأنه الذي أمر بضرب تلك الدراهم، وذلك الذي أراد بهرام بما فعل، فهم الملك بقتل ابنه كسرى، فهرب كسرى من المدائن ليلا نحو آذربيجان حتى أتاها، وأقام بها، ودعا الملك بندوية وبسطاما، وكانا خالي كسرى، فسألهما عن كسرى، فقالا (لاعلم لنا به)، فارتاب بهما، فأمر بحبسهما.
ثم إن الملك جمع نصحاءه، فاستشارهم، فقالوا: (أيها الملك، إنك عجلت في أمر بهرام، وقد رأينا أن توجه إلى بهرام بيزدان جشنس، فليس بهرام بقاتله، إذا أتاه فاعتذر إليه، وباء بذنبه عنده، وتكون قد طيبت نفس بهرام، ورددته إلى الطاعة، وحقنت بذلك الدماء، فقبل الملك ذلك.
وبعث بيزدان جشنس الوزير، فلما تهيأ للمسير أرسل إليه ابن له كان محبوسا في حبس الملك ببعض الجرائم، يسأله أن يستوهبه من الملك، ويخرجه معه، فإن عنده غناء ومعونة في الأمور، ففعل يزدان جشنس وأخرجه معه.
فلما صار بمدينة همذان ارتاب بابن عمه ذلك، وكتب كتابا إلى الملك يعلمه:
أنه قد رده إليه، ليأمر بقتله، أو يرده إلى محبسه، فإنه فاجر فتاك، وقال له:
(إني قد كتبت إلى الملك كتابا في بعض الأمور، فأغذ السير به حتى تدفعه إليه، ولا تطلعن على ذلك أحدا.