ودارا ونصيبين (1)، وأما من قبل أرمينية فإن ملك الخزر أقبل حتى أوغل في آذربيجان، فبث الغارات فيها.
فلما انتهى ذلك إلى هرمزد بدأ بقيصر، فرد عليه المدن التي كان أبوه اغتصبه إياها، وسأله الصلح والموادعة، فأجابه قيصر إلى ذلك، فانصرف، ثم كتب إلى عماله بأرمينية وآذربيجان، فاجتمعوا وصمدوا صمد صاحب الخزر، حتى نفوه عن أرضه.
فلما فرغ من ذلك كله صرف همه إلى صاحب الترك، وكان أشد الأعداء عليه، فكتب إلى بهرام بن بهرام جشنش، عامله على ثغر آذربيجان وأرمينية، وهو الملقب ببهرام شوبين، يأمره بالقدوم عليه، فما لبث أن قدم، فأذن له، فدخل عليه، فرفع مجلسه، وأظهر كرامته، وخلا به، وأخبره بالأمر الذي أراده له، من التوجه إلى شاهنشاه الترك.
فسارع بهرام إلى طاعته واتباع أمره، فأمر هرمزد أن يسلط بهرام على بيوت الأموال والسلاح، وأن يسلم إليه ديوان الجند، ليختار من أحب على عينه، فأحضر بهرام الديوان، وجمع إليه المرازبة والأشراف، فانتخب اثني عشر ألف رجل من الفرسان، ليس فيهم إلا من أناف الأربعين.
وبلغ ذلك الملك، فقال له: (لم لم تنتخب إلا هذا المقدار، وإنما تريد أن تسير بهم إلى ثلاثمائة ألف رجل؟). فقال بهرام: (ألم تعلم أيها الملك أن قابوس حين أسر فحبس في حصن ما سفري إنما سار إليه رستم في اثني عشر ألفا، فاستنقذه من أيدي مائتي ألف، وأن إسفندياد إنما سار إلى ارجاسف ليطلب منه الوتر الذي كان له عنده في اثني عشر ألفا، وإن (كيخسرو) إنما أرسل (جودرز) ليطلب بدم أبيه سياوش في اثني عشر ألفا، فظهر على ثلاثمائة ألف؟
فأي جيش لا يفل باثني عشر ألفا لا يفل بشئ أبدا).