فلما فصل بهرام بالجنود من المدائن ودعه الملك، وقال له: (إياك والبغي، فإن البغي مصرعة بصاحبه، وعليك بالوفاء، فإن فيه نجاة لمحاوله، وإياك أن تسير إلا على تعبية الحرب، فإذا نزلت فاحرس عسكرك بنفسك، وامنع جنودك من العيث والفساد، وإياك أن تعزم حتى تروى، ولا تروى حتى تستشير أهل النصح والأمانة)، ثم انصرف الملك، ومضى بهرام، فأخذ على طريق الأهواز.
وبلغ ملك الترك قدوم الجيش لمحاربته، وقد كان الملك هرمزد وجه إلى ملك الترك رجلا من مرازبته يسمى هرمزد جرابزين، وكان من أدهى العجم، وأشدهم خلابة وكيدا، وأمره أن يعلمه أنه رسول الملك، أرسله لمصالحته، وإعطائه الرضا، فأتاه هرمزد جرابزين، فاستعمل فيها الخديعة، وكفه بها عن الفساد في أرض خراسان، فلما علم هرمزد أن بهرام قد دنا من هراة خرج ليلا، فلحق ببهرام.
ولما بلغ ملك الأتراك ورود الجيش قال لصاحب حرسه: انطلق فائتني بهذا الفارس الخداع، فطلبوه، فوجدوه قد هرب في جوف الليل.
وخرج خاقان من مدينة هراة للقاء بهرام، وعلى مقدمته أربعون ألفا.
فلما التقوا أرسل إلى بهرام: أن انضم إلي حتى أملكك على إيران شهر، وأجعلك أخص الناس بي.
فأرسل إليه بهرام كيف تملكني على إيران شهر، وإنما ملكها لأهل بيت فينا لا يجوز أن يعدوهم إلى غيرهم، ولكن هلم إلى الحرب.
فغضب ملك الترك من ذلك، وأمر، فضرب بوق الحرب، وتزاحف الفريقان، وملك الترك على سرير من ذهب فوق رابية، يشرف على الفريقين.
فلما استمرت الحرب قصد بهرام للتل في مائة فارس من إبطال جنوده، فانفض عنه من حول ملك الترك، فلما رأى الملك ذلك دعا بمركبه، واستبان لبهرام،