ومخالفة أمرنا، والبغي علينا، فإنا لكم بمنزلة العرى والأركان.
فلما تفرق الناس عنه قام يمشي حتى دخل على أبيه، وهو في بيت من بيوت القصر، فقبل يديه ورجليه، وقال: (يا أبت، ما أحببت هذا الأمر في حياتك، ولا أردته، ولو لم أقبله لصرف منا، وأزيل عنا إلى غيرنا).
فقال له أبوه: (صدقت وقد قبلت عذرك، فدونك الأمر، فقم به، وقد عرضت لي إليك حاجة).
قال: (يا أبت، وما عسى أن يعرض لك إلي؟).
قال: (تنظر الذين تولوا نكسى عن السرير، وأخذوا التاج عن رأسي، واستخفوا بي، وهم فلان وفلان، وسماهم، فعجل قتلهم، واطلب لأبيك بثأره منهم.
قال كسرى: (هذا لا يمكن يومنا هذا حتى يقتل الله عدونا بهرام، ويستدف (1) لنا الأمر، فتنظر عند ذلك كيف أبيرهم (2) وأنتقم لك منهم).
فرضي أبوه بذلك منه، وخرج كسرى من عنده، فجلس مجلس الملك.
وبلغ بهرام ما جرى، وهو بالري، وما كان من الأمر، فغضب لهرمزد غضبا شديدا، وأدركته له حمية ورقة، وذهب عنه الحقد، فسار في جنوده جادا مجدا ليقتل كسرى ومن والاه على أمره، ويرد هرمزد إلى ملكه.
وبلغ كسرى فصوله من الري، وما يهم به، فكتم ذلك عن أبيه، وسار ملتقيا لبهرام في جنوده، وقدم رجلا من ثقاته، وأمره أن يأتي عسكر بهرام متنكرا، فينظر سيرته، ويعرف له كنه أمره.
فسار الرجل، فاستقبل بهرام بهمذان، فأقام في عسكره حتى عرف جميع أمره، ثم انصرف إلى كسرى، فأخبره: أن بهرام إذا سار كان عن يمينه مردان سينه الرويدشتي، وعن يساره يزدجشنس بن الحلبان، وأن أحدا