فقال له سلام الحاجب: (أبا خالد، كأنك إنما تأتي ولي العهد مباهيا، ولا تأتيه مسلما).
قال ابن هبيرة: إن كنتم كرهتم ذلك لم آتكم إلا في غلام واحد.
قال: فلا تأتنا إلا في [غلام] واحد، فإني لم أقل ذلك استخفافا بحقك، إلا أن أهل خراسان ينكرون كثرة من يركب معك.
فكان ابن هبيرة بعد ذلك لا يأتيهم إلا في غلام واحد، فيدخل، ويسلم، وينصرف.
* * * ثم إن أبا جعفر قال للحسن بن قحطبة: (أجمع إليك أبا بكر العقيلي، والحوثرة بن سهل، ومحمد بن بنانة، وعبد الله بن بشر، وطارق بن قدامة، وسويد بن الحارث المزني، وهؤلاء كانوا قواد يزيد بن عمر، فإذا اجتمعوا عندك فاضرب أعناقهم، وائتني بخواتيمهم، ووجه حرسا يحرسون ابن هبيرة، لأنفذ فيه أمر الإمام أبي العباس.
فانطلق الحسن بن قحطبة، فأنفذ أمره في أولئك، وأتاه بخواتيمهم.
قال: (فما نطق منهم أحد عند قتله، وما كان منه جزع ولا امتناع).
فلما كان في اليوم الثاني دعا أبو جعفر خازم بن خزيمة، وإبراهيم بن عقيل، فقال لهما: (انطلقا في عشرة نفر من الحرس حتى تدخلا على ابن هبيرة فتقتلاه).
فأقبلا حتى دخلا عليه عند طلوع الشمس، وهو جالس في مسجده في القصر مسند ظهره إلى المحراب، ووجهه إلى رحبة القصر.
فلما نظر إليهم قال لحاجبه: (يا أبا عثمان، أحلف بالله أن في وجوه القوم لشرا.
فمضى أبو عثمان مستقبلا لهم، وقال لهم: (ما تريدون؟).
فبعجه إبراهيم بن عقيل بالسيف، فقتله، وقام إبراهيم ابنه في وجوه القوم، فقتل، ثم قام ابنه داود في وجوههم، فقتل، ثم قام كاتبه عمرو، فقتل.