قال عيسى: فإنما أبو مسلم عبد الإمام، وإن الإمام لا يرضى أن يرد أمره . قال محمد: دع عنك هذا، لست أسلم العمل إليك إلا بكتاب أبي مسلم.
فانصرف عيسى إلى أبي العباس، فأخبره ذلك، فكظم، وأمر عمه بالمقام عنده، فأقام.
وإن أبا مسلم عقد للمغلس بن السري على أرض طخارستان حتى وافاها، فخرج إليه منصور مستعدا للحرب، فالتقوا، فاقتتلوا، فكان الظفر للمغلس، وهرب منصور في نفر من أصحابه حتى وقعوا في الرمال، فماتوا عطشا.
وأقام المغلس على باب بلاد السند.
* * * وإن أبا مسلم كتب إلى الإمام أبي العباس يستأذنه في القدوم عليه، والمقام عنده إلى أوان الحج ليحج، فأذن له أبو العباس في ذلك، فسار أبو مسلم حتى إذا قارب الإمام أمر أبو العباس جميع من كان معه بالحضرة من القواد والأشراف أن يستقبلوه، فاستقبل بالكرامة، وترجل له الأشراف والقواد.
وأقبل حتى وافى مدينة أبي العباس، فأنزله معه في قصره، ولم يال جهده في بره وإكرامه، حتى إذا حان وقت الحج استأذنه في الحج.
فقال له أبو العباس: لولا أن أخي أبا جعفر قد عزم على الحج لوليتك الموسم، فكونا جميعا.
قال أبو مسلم: وذاك أحب إلي.
ثم خرجا.
فكان يرتحل أبو جعفر، وينزل أبو مسلم حتى وافيا مكة، فقضيا حجهما، وانصرفا.