وأقبلوا نحو ابن هبيرة، فلما دنوا منه حول وجهه إلى القبلة، وسجد، فضربوه بأسيافهم حتى خمد.
ثم انصرفا إلى أبي جعفر، فأخبراه بذلك، فأمر أبو جعفر مناديا، فنادى (أيها الناس، أنتم آمنون إلا الحكم بن عبد الملك بن بشر، ومحمد بن ذر، وخالد ابن سلمة المخزومي.
قال الهيثم: فحدثني أبي قال: قال محمد بن ذر، فضاقت على الأرض برحبها، فخرجت ليلا من مدينة واسط على قدمي، وأنا أقرأ آية الكرسي، فما عرض لي أحد من الناس حتى نجوت، فلم أزل خائفا حتى استأمن لي زياد بن عبد الله من الإمام أبي العباس، فآمنني.
قال وهرب الحكم بن عبد الملك إلى كسكر، فاستخفى بها).
وضاقت بخالد بن سلمة المخزومي الأرض، فأتى باب أبي جعفر المنصور ليلا، فاستأمن له، فآمنه.
ثم نودي (أيها الناس، أنتم جميعا آمنون، يا أهل الشام، ألحقوا بشامكم، ويا أهل الحجاز، ألحقوا بحجازكم، فسكن الناس، وآمنوا، واطمأنوا.
* * * واستعمل المنصور على واسط الهيثم بن زياد الخزاعي في خمسة آلاف من أهل خراسان، ثم انصرف بسائر الناس حتى قدم على الإمام أبي العباس، وهو بالحيرة.
ثم إن الإمام سار من الحيرة في جموعه حتى أتى الأنبار، فاستطابها، فابتنى بها مدينة بأعلى المدينة عظيمة لنفسه وجموعه، وقسمها خططا بين أصحابه من أهل خراسان، وبنى لنفسه في وسطها قصرا عاليا منيفا، فسكنه، وأقام بتلك المدينة طول خلافته، وتسمى إلى اليوم مدينة أبي العباس.
ثم إن أبا العباس وجه أخاه أبا جعفر المنصور إلى خراسان، وأمره أن يأتي