قولك فيه، لأوجه إليها بالكتاب مع امرأتي، فإنني لا أثق بسواها في كتمان السر).
فكتب لها كسرى بذلك، وأكد، فأخذ كردي الكتاب، ووجهه مع امرأته إلى كردية. وقد كان بسطام خرج بها معه لشدة وجده بها.
فلما قرأت كردية كتاب كسرى عرفت وثاقته، فأفضت بسرها إلى ظئورتها وثقاتها، فزين لها ذلك لتشوقهن إلى أوطانهن. ولم ينكر بسطام مجئ المرأة إلى كردية لما عرف من إلف النساء وتزاورهن.
وأن بسطام انصرف ذات عشاء إلى مضربه الذي فيه كردية تعبأ قد مسه الكلال لشدة الحرب، فدعا بطعام، فنال منه، ثم دعا بشرابه، فجعلت كردية تسقيه صرفا حتى غلبه السكر، فنام، فقامت إلى سيفه، فوضعت ظبته (2) في ثندوته (3)، وتحاملت عليه حتى خرج من ظهره، ثم خرجت من ساعتها، فتحملت في حشمها وظئورتها، وقد كان أخوها كردي وقف لها على الطريق في خيل، فلما انتهت إليه انطلق بها، فأنزلها في رحله.
ولما أصبح أصحاب بسطام ووجدوه قتيلا ارتحلوا هاربين نحو بلاد الديلم، فوجه كسرى سابور بن أبركان في عشرة آلاف فارس، وأمره أن يقيم بقزوين، فتكون مسلحة هناك، وتمنع من أراد النفوذ من أرض الديلم إلى مملكته، ثم تزوج كردية، وضمها إليه، وانصرف إلى المدائن، ونزلت كردية من قلبه بموضع محبة شديدة، وشكر لها ما كان منها، وزاح عن كسرى ما يجد في نفسه من الغضاضة بانتقامه من قتله أبيه، واطمأن له ملكه وهدأ واستقر.