لأبينا، وقل له: (إن الذي حل بك عقوبة من الله للذي سلف من سوء أعمالك، وأول ذلك ما كان منك إلى أبيك هرمزد، ومنها حظرك علينا معاشر أولادك، ومنعك إيانا البراح، وحبسك إيانا في دار كهيئة المجلس بلا رقة ولا رحمة، ومنها كفرانك إنعام قيصر عليك وأياديه عندك، فلم تحفظ فيه ابنه وأقاربه حين أتوك يسألونك أن ترد عليهم خشبة الصليب التي بعث بها إليك شاهين من الإسكندرية، فرددتهم عنها بلا حاجة منك إليها ولا درك لك في حبسها، ومنها ما أمرت به من قتل الثلاثين الألف رجل من مرازبتك وعظماء أساورتك بزعمك انهم أول من انهزم عن الروم، ومنها كثرة ما جمعت من الأموال، وكثرتها في خزائنك من جبايتكها عن الخراج بأعنف العنف، وإنما ينبغي للملوك أن يملأوا خزائنهم مما يغنمون من بلاد أعدائهم بنحور الخيل وصدور الرماح، لا مما يسألونه من رعيتهم، ومنها قتلك النعمان بن المنذر، وصرفك ملك أرضه عن ولده وأهل بيته إلى غيرهم، يعني إياس بن قبيصة الطائي، فلم تحفظ فيهم ما كان يحفظه آباؤك، من حضانته بهرام جور جدك، ومعونته بعد أن خرج الملك عنه، حتى رده عليه، فكل هذه ذنوب ارتكبتها، وآثام اقترفتها، لم يكن الله ليرضى منك فأخذك بها).
فانطلق يزدان جشنس فأبلغ كسرى رسالة شيرويه لم يخرم منها حرفا، فقال له كسرى: قد أبلغت، فأد الجواب كما أديت الرسالة: (قل لشرويه القصير العمر، القليل الغمر، الناقص العقل، نحن مجيبوك عن جميع ما أرسلت به إلينا من غير اعتذار لتزداد علما بجهلك، أما رضانا بما ارتكب من أبينا فإني ما اطلعت على ما دبر القوم من الوثوب به، وقد علمت لما استوطد لي السلطان إني لم أدع أحدا مالا على خلعة وأجلب عليه بارتكاب حقه إلا قتلته، وختمت ذلك بخالي بندوية وبسطام مع ما كان من قيامهما بأمري، وأما حظري عليكم معاشر أبنائنا فإني فرغتكم لتعلم الأدب، ومنعتكم من الانتشار فيما لا يعينكم، ولم أقصر في مطاعمكم مع ذلك ومصارفكم وملابسكم وطيبكم ومراكبكم، وأما أنت خاصة فإن المنجمين قضوا في مولدك بتثريب ملكنا، وفسخ سلطاننا على يدك، فلم نأمر