قلت: أما الإتفاق المدعى فممنوع جدا، وقد ذكرنا تصريح جماعة بخلاف ذلك في فوائدنا في (قواعد الرجال)، كما لا يخفى أيضا على المتتبع.
وأما آية النبأ فلا تصلح رادعا عما دلت عليه السيرة المستمرة من العقلاء، إذ لا تدل على وجوب التثبت مطلقا حتى فيما إذا علم أو وثق بتحرز الفاسق من الكذب. والتعليل في ذيلها قرينة على عدم الإطلاق أو صالحة لذلك، وفي ذلك كلام ذكرناه، مع ما قيل في وجه عدم كون الآية الشريفة رادعة في محله، كما ذكرنا عدم تمامية الاستدلال بآية الركون إلى الظالم للردع عنها، فلا نطيل.
ولذلك كله عمل أصحابنا بروايات الثقات من العامية، والفطحية، والزيدية، والواقفية، وغيرهم من الفرق الباطلة. واعتمدوا على توثيقهم للرواة أيضا، بل ظاهر الشيخ (رحمه الله) في مواضع من كتبه إتفاق الطائفة على ذلك.
قال (رحمه الله) في كتاب العدة في القرائن الدالة على صحة الأخبار: فأما من كان مخطئا في بعض الأفعال أو فاسقا بأفعال الجوارح، وكان ثقة في روايته متحرزا فيها، فإن ذلك لا يوجب رد خبره ويجوز العمل به، لأن العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه، وإنما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته، وليس بمانع من قبول خبره. ولأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم...، إلخ (1).
بل مع أن الشيخ (رحمه الله) أشكل في كتاب الغيبة، في الوثوق بأخبار عثمان بن عيسى الرواسي وعلي بن أبي حمزة البطائني من رؤساء الواقفة، فيما رويا ما يدل على مذهبهم. فقد عدهما في كتاب العدة ممن كان متحرزا عن الكذب، مأمونا في حديثه، وثقة في نقله، من أهل المذاهب الباطلة،