اما الدعوى الأولى: فقد ذكرنا محله ان المعروف والمشهور بين الأصحاب هو ان الجملة الخبرية موضوعة للدلالة على ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها عنه، والجملة الانشائية موضوعة للدلالة على ايجاد المعنى في الخارج.
وعلى ضوء ذلك فلا يمكن اثبات المفهوم للقضية الشرطية لا من ناحية الوضع ولا من ناحية الاطلاق لما تقدم من أن غاية ما تدل القضية عليه هو ترتب الجزاء على الشرط وتفرعه عليه سواء أكانت القضية في مقام الاخبار أم كانت في مقام الانشاء، واما كون الجزاء معلولا الشرط فقد عرفت عدم دلالة القضية عليه ولو بالاطلاق فضلا عن الوضع، وعلى تقدير التنزيل عن ذلك وتسليم دلالتها عليه الا انها لا تدل على كون هذا الترتب على نحو ترتب المعلول على علته المنحصرة كما تقدم ذلك في ضمن البحوث السابقة بشكل موسع.
اما الدعوى الثانية: فقد ذكرنا في بحث الانشاء والاخبار ان الجملة الخبرية موضوعة للدلالة على قصد المتكلم الحكاية والاخبار عن ثبوت النسبة في الواقع أو نفيها عنه، وذلك لامرين:
الأول: أنها لا تدل على ثبوت النسبة في الواقع أو عدم ثبوتها فيه ولو دلالة ظنية مع قطع النظر عن حال المخبر من حيث وثاقته وما شاكل ذلك وقطع النظر عن القرائن الخارجية، مع أن من الطبيعي أن دلالة اللفظ لا تنفك عن مدلوله الوضعي بقانون الوضع، وعليه فما فائدته.
وعلى الجملة فإذا افترضنا أن الجملة الخبرية لا تدل على تحقق النسبة في الواقع ولا تكشف عنها ولو كشفا ظنيا فما معنى كونها موضوعة بإزائها فبطبيعة الحال يكون وضع الجملة لها لغوا محضا فلا يصدر من الواضع الحكيم.