من أن النسخ لا يمكن بعد زمن النبي الأكرم (ص) لانقطاع الوحي، وذلك لان الوحي وان انقطع بعد زمانه (ص) إلا أنه لا مانع من أنه صلى الله عليه وآله: أو كل بيانه إلى الأئمة الطاهرين (ع) كبيان سائر الأحكام ، بل من ناحية أن نسخ تلك الأحكام بتلك الكثرة في نفسها لا يناسب مثل هذه الشريعة الخالدة التي تجعل من قبل الله تعالى وأمر رسوله (ص) وأوصيائه (ع) ببيانها، ولأجل ذلك يقطع بخلافه.
ومن هنا قد قاموا بعدة محاولات للنفصي عن هذا الاشكال أحسنها ما ذكره صاحب الكفاية (قده) تبعا لشيخنا العلامة الأنصاري (قده) من أن هذه العمومات التي وردت مخصصاتها بعد حضور وقت العمل بها قد صدرت بأجمعها ضربا للقاعدة يعني انها متكفلة للأحكام الظاهرية فيكون الناس مكلفين بالعمل بها ما لم يرد عليها مخصص فإذا ورد المخصص عليها كان ناسخا بالإضافة إلى الاحكام الظاهرية ومخصصا بالإضافة إلى الإرادة الجدية والأحكام الواقعية.
وقد ذكرنا في ضمن البحوث السالفة أن كون العموم مرادا بالإرادة الاستعمالية لا يلازم كونه مرادا بالإرادة الجدية، كما أن كونه مرادا ظاهرا ضربا للقانون والقاعدة لا يلازم كونه مرادا واقعا وجدا.
وعليه فلا مانع من كون العموم في هذه العمومات مرادا ظاهرا ويكون الناس مأمورا بالعمل به في مقام الظاهر إلى أن يجيئ المخصص له فإذا جاء فيكون مخصصا بالإضافة إلى الإرادة الجدية وناسخا بالإضافة إلى الحكم الظاهري.
ويرد عليه ان هذه العمومات لا تخلو من أن تكون ظاهرة في إرادة العموم واقعا وجدا في مقام الاثبات والدلالة أو لا تكون ظاهرة فيه من جهة نصب قرينة على أنها مرادة في مقام الظاهر وغير مرادة بحسب مقام الواقع