يعارضه خبر آخر لما تقدم في مباحث الدليل اللفظي من أن حجية خبر الواحد مشروطة بعدم معارضته ومخالفته لدليل قطعي، وكنا نقصد بالمخالفة هناك المخالفة على نحو التعارض المستقر. واما إذا كان خبر الواحد مخالفا من القسم الأول فهو المقصود في رواية عبد الرحمن.
واما الصفة الثانية وهي موافقة الخبر الراجح للكتاب الكريم فلا يبعد ان يراد بها مجرد عدم المخالفة لا أكثر من ذلك بقرينة وضوح عدم مجئ جميع التفاصيل وجزئيات الأحكام الشرعية في الكتاب الكريم.
وعلى هذا فالمرجع الأول هو أن يكون أحد الخبرين مخالفا للكتاب الكريم مخالفة القرينة لما يقابلها، فان الخبر المتصف بهذه المخالفة لو انفرد لكان قرينة على تفسير المقصود من الكتاب الكريم حوجة في ذلك، ولكن حين يعارضه خبر مثله ليس متصفا بهذه المخالفة يقدم عليه ذلك الخبر.
وإذا لاحظنا المرجح الثاني وجدنا انه يأتي بعد افتراض عدم امكان علاج التعارض على أساس المرجح الأول، وقد نصت الرواية في المرجح الثاني على الاخذ بما خالف اخبار العامة، وتقديمه على ما وافق اخبارهم، ومن هنا قد يقال باختصاص هذا الترجيح بما إذا كانت المخالفة والموافقة لاخبارهم ولا يكفي للترجيح المخالفة والموافقة لما هو المعروف من فتاواهم وآرائهم إذا لم تكن مستندة إلى الاخبار. ولكن الصحيح التعدي إلى المخالفة والموافقة مع الفتاوي والآراء أيضا وان كانت على أساس غير الاخبار من أدلة الاستنباط عندهم، لان الترجيح ليس حكما تعبديا صرفا، بل هو حكم له مناسبات عرفية مركوزة بلحاظ ان ما اكتنف الأئمة من ظروف التقية أوجب تطرق احتمال التقية إلى الخبر الموافق دون المخالف، وهذا كما يجري في موارد الموافقة والمخالفة لاخبارهم، كذلك في موارد الموافقة والمخالفة لآرائهم المستندة إلى مدرك آخر.