الواجب، بل يحدث قبله ويصبح فعليا بالاستطاعة، فمن الطبيعي أن يكون المكلف مسؤولا عن المقدمات المفوتة قبل مجئ يوم عرفه، لان الوجوب فعلي، وهو يستدعي عقلا التهيؤ لامتثاله.
والصحيح أن زمان الواجب يجب أن يكون قيدا للوجوب، ولا يمكن أن يكون قيدا للواجب فقط، لأنه أمر غير اختياري، وقد تقدم ان كل القيود التي تؤخذ في الواجب فقط يلزم أن تكون اختيارية، فبهذا نبرهن على إنه قيد للوجوب، وحينئذ فإن قلنا باستحالة الشرط المتأخر للحكم، ثبت أن الوجوب ما دام مشروطا بزمان الواجب، فلا بد أن يكون حادثا بحدوثه لا سابقا عليه، لئلا يلزم وقوع الشرط المتأخر. وبهذا يتبرهن أن الواجب المعلق مستحيل. وإن قلنا بإمكان الشرط المتأخر جاز أن يكون زمان الواجب شرطا متأخرا للوجوب، فوجوب الوقوف بعرفات يكون له شرطان:
أحدهما: مقارن يحدث الوجوب بحدوثه، وهو الاستطاعة.
والآخر متأخر: يسبقه الوجوب وهو مجئ يوم عرفة على المكلف المستطيع وهو حي، فكل من استطاع في شهر شعبان مثلا، وكان ممن سيجئ عليه يوم عرفة وهو حي فوجوب الحج يبدأ في حقه من شعبان، وبذلك يصبح مسؤولا عن توفير المقدمات المفوتة له من أجل فعلية الوجوب.