عقلا عن توفيرها أو لا؟
ومثال ذلك: ان يعلم المكلف بأنه لن يتمكن من الوضوء والتيمم عند الزوال لانعدام الماء والتراب، ولكنه يتمكن منه قبل الزوال، فهل يجب عليه ان يتوضأ قبل الزوال أو لا؟
والجواب: ان مقتضى القاعدة هو عدم كونه مسؤولا عن ذلك، إذ قبل الزوال لا وجوب للصلاة لكي يكون مسؤولا من ناحيته عن توفير المقدمات للصلاة، وإذا ترك المقدمة قبل الزوال فلن يحدث وجوب عند الزوال ليبتلى بمخالفته لأنه سوف يصبح عند الزوال عاجزا عن الاتيان بالواجب، وكل تكليف مشروط بالقدرة، فلا ضير عليه في ترك ايجاد المقدمة قبل الزوال، وكل مقدمة يفوت الواجب بعدم المبادرة إلى الاتيان بها قبل زمان الوجوب، تسمى بالمقدمة المفوتة. وبهذا صح ان القاعدة تقتضي عدم كون المكلف مسؤولا عن المقدمات المفوتة.
ولكن قد يتفق أحيانا أن يكون للواجب دائما مقدمة مفوتة على نحو لو لم يبادر المكلف إلى ايقاعها قبل الوقت لعجز عن الواجب في حينه. ومثال ذلك: الوقوف بعرفات الواجب على من يملك الزاد والراحلة، فان الواجب منوط يظهر اليوم التاسع من عرفة، ولكن لو لم يسافر المكلف قبل هذا الوقت، لما أدرك الواجب في حينه، وفي مثل ذلك لا شك فقهيا في أن المكلف مسؤول عن ايجاد المقدمة المفوتة قبل الوقت، وقد وقع البحث أصوليا في تفسير ذلك وتكييفه، وانه كيف يكون المكلف مسؤولا عن توفير المقدمات لامتثال وجوب غير موجود بعد، وستأتي بعض المحاولات في تفسير ذلك في حلقة مقبلة.