والثمرة في اشتراط القدرة في صحة الإدانة (المعنى الأول) واضحة، واما الثمرة في اشتراط القدرة في التكليف ذاته (المعنى الثاني) فقد يقال إنها غير واضحة إذ ما دام العاجز غير مدان على اي حال، فلا يختلف الحال، سواء افترضنا ان القدرة شرط في التكليف أو نفيا ذلك وقلنا: بان التكليف يشمل العاجز، إذ لا اثر لذلك بعد افتراض عدم الإدانة، ولكن الصحيح وجود ثمرة، على الرغم من أن العاجز غير مدان على اي حال، وهي تتصل بملاك الحكم، إذ قد يكون من المفيد ان نعرف ان العاجز هل يكون ملاك الحكم فعليا في حقه وقد فاته بسبب العجز لكي يجب القضاء مثلا، أو ان الملاك لا يشمله رأسا فلم يفته شئ ليجب القضاء، اي ان نعرف ان القدرة هل هي دخيلة في الملاك أو لا، فإذا جاء الخطاب الشرعي مطلقا ولم ينص فيه الشارع على قيد القدرة ظهرت الثمرة، لأننا ان قلنا باشتراط القدرة في التكليف ذاته كما تقدم، كان حكم العقل بذلك بنفسه قرينة على تقييد اطلاق الخطاب، فكأنه متوجه إلى القادر خاصة وغير شامل للعاجز، وفي هذه الحالة لا يمكن اثبات فعلية الملاك في حق العاجز، وانه قد فاته الملاك ليجب عليه القضاء مثلا، لأنه لا دليل على ذلك نظرا إلى أن الخطاب انما يدل على ثبوت الملاك بالدلالة الالتزامية، وبعد سقوط المدلول المطابقي للخطاب، وتبعية الدلالة الالتزامية على الملاك للدلالة المطابقية على التكليف، لا يبقى دليل على ثبوت الملاك في حق العاجز، وإن لم نقل باشتراط القدرة في التكليف، اخذنا باطلاق الخطاب في المدلول المطابقي والالتزامي معا، وأثبتنا التكليف والملاك على العاجز، وبذلك يثبت ان العاجز قد فاته الملاك، وان كان معذورا في ذلك، إذ لا يدان العاجز على اي حال.
(٢٨٥)