وثانيا: أن هذه الروايات معارضة للكتاب الكريم الدال على أنه نزل تباينا لكل شئ وهدى وبلاغا، والمخالف للكتاب من أخبار الآحاد لا يشمله دليل حجية خبر الواحد كما أشرنا سابقا.
الطائفة الثانية: ما دل من الروايات على عدم جواز الاستقلال في فهم القرآن عن الحجة. وهذه لا تدل على عدم جواز العمل بظاهر الكتاب بعد الفحص في كلمات الأئمة وعدم الظفر بقرينة على خلاف الظاهر، لان هذا النحو من العمل ليس استقلالا عن الحجة في مقام فهم القرآن الكريم.
الطائفة الثالثة: ما دل من الروايات على النهي عن تفسير القرآن بالرأي، وأن من فسر القرآن برأيه فقد كفر.
وقد أجيب على الاستدلال بها، بأن حمل اللفظ على معناه الظاهر ليس تفسيرا لان التفسير كشف القناع، ولا قناع على المعنى الظاهر، وقد يقال إن هذا الجواب لا ينطبق على بعض الحالات حينما يكون الدليل مشتملا على ظواهر اقتضائية عديدة متضاربة، على نحو يحتاج تقدير الظهور الفعلي المتحصل من مجموع تلك الظواهر بعد الموازنة والكسر والانكسار، إلى نظر وإمعان، فيكون لونا من كشف القناع. ولهذا نرى أن الفقهاء قد يختلفون في فهم دليل: فيفهم بشكل من فقيه: ويأتي فقيه آخر فيبرز نكتة من داخل الدليل تعين فهمه بشكل آخر على أساس ما تقتضيه تلك النكتة من ظهور.
فالأحسن الجواب:
أولا: بأن كلمة الرأي منصرفة - على ضوء ما نعرفه من ملابسات عصر النص، وظهور هذه الكلمة كمصطلح وشعار لاتجاه فقهي واسع - إلى الحدس والاستحسان فلا تشمل الرأي المبني على قريحة عرفية عامة.
وثانيا: أن إطلاق الروايات المذكورة للظاهر لا يصلح أن يكون رادعا عن السيرة على العمل بالظواهر، سواء أريد بها السيرة العقلائية أو سيرة