المكرمة واجب، تدل (إلى) على نسبة خاصة بين السير ومكة، حيث إن السير ينتهي بمكة، وتدل هيئة مكة المكرمة على نسبة وصفية وهي كون (المكرمة) وصاف لمكة وتدل هيئة جملة السير.. واجب على نسبة خاصة بين السير وواجب، وهي أن الوجوب ثابت فعلا للسير. والنسبة التي يدل عليها الحرف غير كافية بمفردها لتكوين جملة تامة، ولهذا تسمى بالنسبة الناقصة. وأما الهيئات فبعضها يدل على النسبة الناقصة كهيئة الجملة الوصفية وبعضها يدل على النسبة التي تتكون بها جملة تامة وتسمى نسبة تامة، وذلك كهيئة الجملة الخبرية أو هيئة الجملة الانشائية من قبيل زيد عالم وصم.
ويصطلح أصوليا على التعبير بالمعنى الحرفي عن كل نسبة، سواء كانت مدلولة للحرف أو الهيئة الجملة الناقصة أو لهيئة الجملة التامة، وبالمعنى الاسمي عما سوى ذلك من المدلولات. ويختلف المعنى الحرفي عن المعني الاسمي في أمور منها: أن المعنى الحرفي باعتباره نسبة وكل نسبة متقومة بطرفيها فلا يمكن أن يلحظ دائما ضمن طرفي النسبة، وأما المعنى الاسمي فيمكن أن يلحظ بصورة مستقلة.
وقد ذهب المحقق النائيني (رحمه الله) إلى التفرقة بين المعاني الاسمية والمعاني الحرفية بأن الأولى إخطارية والثانية ايجادية. والمستفاد من ظاهر كلمات مقرري بحثه أن مراده بكون المعني الاسمي إخطاريا، أن الاسم يدل على معنى ثابت في ذهن المتكلم في المرتبة السابقة على الكلام، وليس دور الاسم إلا التعبير عن ذلك المعنى، ومراده بكون المعنى الحرفي ايجاديا أن الحرف أداة للربط بين مفردات الكلام فمدلوله هو نفس الربط الواقع في مرحلة الكلام بين مفرداته، ولا يعبر عن معنى أسبق رتبة من هذه المرحلة، ومن هنا يكون الحرف موجدا لمعناه لان معناه ليس إلا الربط الكلامي الذي يحصل به.