من العقاب. ومنها قوله: صلى الله عليه وآله (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك).
وتقريبه أن الامر لو كان يشمل الاستحباب لما كان الامر مستلزما للمشقة كما هو ظاهر الحديث. ومنها: التبادر فإن المفهوم عرفا من كلام المولى حين يستعمل كلمة الامر أنه في مقام الايجاب والالزام والتبادر علامة الحقيقة.
وأما صيغة الامر فقد ذكرت لها عدة معان كالطلب والتمني والترجي والتهديد والتعجيز وغير ذلك، وهذا في الواقع خلط بين المدلول التصوري للصيغة، والمدلول التصديقي الجدي لها باعتبارها جملة تامة وتوضيحه أن الصيغة - أي هيئة فعل الامر - لها مدلول تصوري ولا بد أن تكون من سنخ المعنى الحرفي كما هو الشأن في سائر الهيئات والحروف، فلا يصح أن يكون مدلولها نفس الطلب بما هو مفهوم اسمي، ولا مفهوم الارسال نحو المادة، بل نسبة طلبية أو ارسالية توازي مفهوم الطلب أو مفهوم الارسال، كما توازي النسبة التي تدل عليها (إلى) مفهوم (الانتهاء)، والعلاقة بين مدلول الصيغة بوصفه معنى حرفيا ومفهوم الارسال أو الطلب تشابه العلاقة بين مدلول (من) و (إلى) و (في) ومدلول (الابتداء) و (الانتهاء) و (الظرفية). فهي علاقة موازاة لا ترادف. ونقصد بالنسبة الطلبية أو الارسالية الربط المخصوص الذي يحصل بالطلب أو بالارسال بين المطلب والمطلوب منه، أو بين المرسل والمرسل إليه، وهذا هو المدلول التصوري للصيغة الثابت بالوضع. وللصيغة باعتبارها جملة تامة مكونة من فعل وفاعل، مدلول تصديقي جدي بحكم السياق لا الوضع، إذ تكشف سياقا عن أمر ثابت في نفس المتكلم هو الذي دعاه إلى استعمال الصيغة، وفي هذه المرحلة تتعد الدواعي التي يمكن أن تدل عليها الصيغة بهذه الدلالة، فتارة يكون الداعي هو الطلب، وأخرى الترجي وثالثة التعجيز، وهكذا مع انحفاظ المدلول التصوري للصيغة في الجميع.