التاسع: إنه قد عرفت أن المعتبر في هذا الباب، أن يكون كل واحد من الطبيعة المأمور بها والمنهي عنها، مشتملة على مناط الحكم مطلقا، حتى في حال الاجتماع، فلو كان هناك ما دل على ذلك من اجماع أو غيره فلا إشكال، ولو لم يكن إلا اطلاق دليلي الحكمين، ففيه تفصيل وهو: إن الاطلاق لو كان في بيان الحكم الاقتضائي، لكان دليلا على ثبوت المقتضي والمناط في مورد الاجتماع، فيكون من هذا الباب، ولو كان بصدد الحكم الفعلي، فلا إشكال في استكشاف ثبوت المقتضي في
____________________
(1) ربما يكون إشارة إلى ما ذكره من أن التزاحم بين المقتضيين في غير المرتبة الفعلية لدلالة قوله فيما بعد نعم انهما من المتعارضين إذا كانا متكفلين للحكم بمرتبة الفعلية، وربما يقال بان التزاحم بين المقتضيين انما يكون في مرحلة التأثير في المرتبة الفعلية بان يكون أحدهما بعثا بالفعل والآخر زجرا بالفعل، واما المقتضيان في غير هذه المرحلة من مرحلة الاقتضاء فلا تزاحم بينهما، إذ كون المصلحة في ذاتها لها اقتضاء للحكم الايجابي اقتضاء وللمفسدة اقتضاء للحكم التحريمي اقتضاءا لا يوجب تزاحما بينهما في اقتضائهما الذي هو ذاتي، وانما يتزاحمان حيث تؤثر المصلحة حكما ايجابيا فعليا والمفسدة تؤثر حكما تحريميا فعليا، وكذلك لا تزاحم بينهما في مرحلة الانشاء وجعل القانون بحيث لو علم بهما كانا فعليين كما في الاحكام المخزونة إلى ظهور صاحب الامر (، وانما يتزاحمان في مرحلة الانشاء الذي بحيث لو علم بها لكانت الاحكام فعلية منجزة، وهذه المرحلة من الانشاء هي الفعلية من قبل المولى.
فينبغي ان يقال: انهما بناءا على الامتناع هما متزاحمان في المرحلة الفعلية لعدم امكان تأثيرهما معا، فان علم الأقوى منهما مناطا أو كان أحدهما موسعا والآخر مضيقا قدم الأقوى منهما والمضيق منهما، وإلا فيعامل معهما معاملة المتعارضين لتكاذبهما في مرحلة الفعلية فيقدم أقواهما سندا أو دلالة.
فينبغي ان يقال: انهما بناءا على الامتناع هما متزاحمان في المرحلة الفعلية لعدم امكان تأثيرهما معا، فان علم الأقوى منهما مناطا أو كان أحدهما موسعا والآخر مضيقا قدم الأقوى منهما والمضيق منهما، وإلا فيعامل معهما معاملة المتعارضين لتكاذبهما في مرحلة الفعلية فيقدم أقواهما سندا أو دلالة.