بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٨
المقصد الثالث في المفاهيم مقدمة وهي: إن المفهوم - كما يظهر من موارد إطلاقه - هو عبارة عن حكم إنشائي أو إخباري تستتبعه خصوصية المعنى الذي أريد من اللفظ، بتلك الخصوصية ولو بقرينة الحكمة، وكان يلزمه لذلك، وافقه في الايجاب والسلب أو خالفه، فمفهوم إن جاءك زيد فأكرمه مثلا - لو قيل به - قضية شرطية سالبة بشرطها وجزائها، لازمة للقضية الشرطية التي تكون معنى القضية اللفظية، وتكون لها خصوصية، بتلك الخصوصية كانت مستلزمة لها (1)، فصح أن يقال: إن المفهوم إنما هو
____________________
(1) لا يخفى ان هذه المقدمة تشتمل على بيان أمور:
الأول: بيان ما هو المفهوم والسبب في حصوله على القول به فقال: ((ان المفهوم كما يظهر من موارد اطلاقه... إلى آخر الجملة)).
وحاصله: ان المفهوم هو حكم يكون انشائيا تارة كالمفهوم الحاصل من قولك: ان جاءك زيد فأكرمه، فان المفهوم الحاصل المستتبع لهذه القضية المنطوقية هو ان لم يجئ زيد لا تكرمه، وهذه القضية قضية انشائية.
وأخرى يكون المفهوم المستتبع للمنطوق قضية خبرية كقولك: ان ضربت زيدا ضربته، فان المفهوم المستتبع للقضية المنطوقية هو ان لم تضرب زيدا لا اضربه، فالمتكلم قد أخبر عن نفسه بأنه لا يضرب زيدا ان لم يضربه المخاطب، بخلاف القضية الأولى فان المفهوم قد تضمن انشاء عدم اكرام زيد عند عدم مجيئه، وحيث إن القضية المفهومية مستفادة من القضية المنطوقية فلا بد وأن تكون في القضية المنطوق بها خصوصية، تلك الخصوصية استتبعت القضية المفهومية، وتلك الخصوصية هي كون الحيثية المرتبط بها الحكم في القضية المنطوقة علة تامة منحصرة لذلك الحكم الموجود في القضية اللفظية المنطوق بها سواء كانت هذه الحيثية مستفادة من اللفظ كما
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست