وفيه: أن النقض المذكور إنما يرد لو توجه الخطاب فيها إلى الناسي وهو ممنوع، وإنما تعلق الطلب بنوع المكلفين بالأركان وغيرها مما يعتبر في صحة العمل مطلقا، وهو القدر المشترك بين تكليفي الذاكر والناسي وخص التكليف بسائر الواجبات بغير الناسي، فيكون الإخلال بها عمدا موجبا للخروج عن الماهية المطلوبة ولا يوجبه النسيان، فليس ذلك من باب تنويع المكلفين إلى قسمي الذاكر والناسي وتكليف كل منهما بغير ما كلف به الاخر على نحو تكليفي الحاضر والمسافر وواجد الماء وفاقده، بل من باب تعميم التكليف ببعض الأفعال، فلا يكون الناسي عنها آتيا بالمكلف به وإن كان معذورا في المخالفة حال النسيان وتخصيص التكليف ببعضها بخصوص العالم أو الذاكر، فيكون الجاهل أو الناسي معذورا وعمله صحيحا مطابقا للأمر المتعلق بالقدر المشترك. فالماهية المطلوبة مختلفة باختلاف المكلفين والتكليف بها مشروط بالقدرة عليها وإمكان القصد إليها، والناسي عن غير الأركان في الصلاة والحج أو في تناول المفطرات والمحرمات في الصيام والإحرام معذور في ذلك، على معنى أن التكليف إنما تعلق بعدم تعمد الإخلال بذلك.
ولتمام الكلام في ذلك محل آخر.
ومنها: أنه قد يحصل الاجتزاء بفعل الفاقد لبعض الشرائط المذكورة في تمام العمل - كصوم النائم في أول النهار إلى آخره إذا وقع بعد تحقق النية - أو في بعضه، كنوم المعتكف والمحرم والصائم بعد انعقادها، ونية الصوم قبل الظهر في القضاء أو عند قدوم المسافر أو قبل الغروب في المندوب، والغفلة العارضة بعد النية في أثناء العبادة مطلقا. ولو تم ما ذكر لامتنع ورود التخصيص عليه.
وفيه: أن فعل النائم في تلك الموارد ليس من المكلف به قطعا، وإنما يحصل الغرض المقصود فيها بالترك المسبوق بالنية كحصوله في المحرمات بمطلق الترك.
وأما الطلب فإنما يتعلق بالأمر الاختياري على نحو المطلوب في النواهي وغيره مسقط له لحصول المقصود به - كما في الواجبات التوصلية - ولا ينافي ذلك كون