ذلك هو القدر المشترك بين الوجهين فيقتصر عليه، ولا يحكم بشئ من الخصوصيتين في ترتيب الآثار المتفرعة عليها بخلاف الصورة الأولى، للعلم بمطلوبية الهيئة فيها واختصاص الشك بالخصوصية الأخرى، فيصح التقرب بها حينئذ دون الثانية، بل ينوي التقرب بالقدر المشترك، لأنه المعلوم على الاجمال كما لا يخفى.
ومنها: أن يكون الفعل واجبا لأجل التوصل به إلى غيره، فإن كان سببا شرعيا له فلا شك أن تعذر بعض أجزائه لا يقضي بكون ما عداه كافيا في السببية، فالأصل عدمها حتى يثبت بدليل آخر، وحينئذ فيكون الحال فيه كما لو تعذر بعض مقدمات الواجب مع إمكان الباقي فلا يجب الإتيان بالقدر الممكن، إذ المقصود من المقدمة إنما هو التوصل بها إلى المطلوب، فإذا تعذر ذلك بامتناع بعض مقدماته سقط التكليف به فسقط التكليف بسائر مقدماته.
نعم لو كان البعض المفروض مؤثرا في الجملة - كالتخفيف الحاصل في النجاسة ببعض الغسلات والمنزوحات - أمكن القول بعدم سقوطه عند الاضطرار إلى استعمال النجس عملا بالقاعدة المتقدمة، لكنها على تقدير جريانها في المقام محتاجة إلى الجابر كما عرفت.
وأما الشرائط والموانع الشرعية: فإن كان الحكم ثابتا لكل جزء من أجزائه وتحقق صحة المشروط بتعذر شرطه لزم الإتيان بما أمكن من شرائطه ورفع ما أمكن من موانعه بالقاعدة المذكورة، لأنه ينحل إلى شرائط أو موانع عديدة - كستر العورة، وإزالة النجاسة، وغيرها من موانع الصلاة - فلا يسقط بعضها بسقوط الباقي. وفي عموم ما دل على شرطية القدر الممكن كفاية في ذلك.
ومما ذكر يظهر الفرق في مسألة لزوم تخفيف النجاسة مع العذر بحسب الكم والكيف، لأن كل جزء من أجزاء النجاسة مانع للصلاة فيجب رفعه بحسب الإمكان، أما تخفيفها ببعض الغسلات فلم يثبت له حكم في السابق على الاستقلال حتى يحكم ببقائه، إلا من باب عدم سقوط الميسور بالمعسور إن كان له