بقوله: " فالمسألة لغوية " مريدا بذلك بيان كون المرجع فيه العرف واللغة دون غيرهما من الوجوه العقلية، وليس مقصوده بذلك بيان الحق في المقام ليرد عليه أنه لا يتم ذلك بمجرد ما ذكره، بل لا بد من بيان مدرك الوجهين ليتضح به الوجه فيما هو الحق في المقام.
قوله: * (ليس له عن القول بسقوط الوجوب) *.
قد عرفت عدم لزوم التزام القائل المذكور به وقياسه على التقييد الصريح فاسد بعد ملاحظة فهم العرف.
فإن وجوب الفعل والفور بلفظ واحد لا يقتضي تقييد أحدهما بالآخر، سيما بعد ما عرفت من كون الفورية كالوجوب معنى حرفيا رابطيا، وخصوصا إذا قلنا بكون الفور المفهوم من الصيغة هو لزوم التعجيل فيه مطلقا، فإنه يلزم بقاء طلب الفعل.
فكون مدلول الصيغة على القول بالفور بمنزلة أن يقال: " أوجبت عليك الشئ الفلاني " في أول أوقات الإمكان محل منع، كيف ولو كان كذلك لزم على القول ببقاء التكليف بعد فوات الفور سقوط اعتبار الفورية في بقية المدة؟ وهو خلاف المعروف بين هؤلاء في ظاهر كلامهم، وإنما حكي ذلك قولا للبعض.
وقد عرفت توضيح القول بما ذكره المدقق المحشي من أنه لا شك أن الفور لو كان مدلولا للصيغة لكان قيدا للفعل، إذ لا يرتكب أحد أن مدلول الأمر شيئان منفصلان أحدهما عن الآخر، فكان معنى الصيغة حينئذ: أن " إفعل الفعل في الوقت الفلاني " أي: الوقت المتعقب لزمان التكلم.
ومن البين أيضا أنه لا فرق بين التقييد بزمان وزمان، فما يترتب على التوقيت محل نظر، إذ فيه:
أولا ما عرفت من الفرق بين تقييد المطلق بقيد مصرح به وبين دلالة الصيغة على لزوم الخصوصية لاحتمال دلالته عليه على وجه لا يتقيد به ذلك المطلق فإن ذلك إنما يتبع وضع الواضع، فإذا كان فهم العرف مساعدا عليه فأي مانع منه؟
وقياسه على الآخر فاسد لا وجه له.