فتفيد تأكيدا على تأكيد فناسب الحصر، إذ هو مع ضعف أصله ومخالفة الزيادة للأصل كما ترى، لوضوح أن تكرار التأكيد ولو ألف مرة لا يفيد معنى الحصر.
وحكى الآمدي عن أصحاب أبي حنيفة وجماعة ممن أنكر دليل الخطاب:
أنها لتأكيد الإثبات، ولا دلالة لها على الحصر، قال: وهو المختار.
واحتج عليه: بأن كلمة " إنما " قد ترد ولا حصر، كما في قوله (عليه السلام): " إنما الربا في النسيئة " (1) مع انعقاد الاجماع على تحريم ربا الفضل، فإنه لم يخالف فيه إلا ابن عباس وقد رجع عنه، وعلى ذلك حملت عدة من الآيات كقوله تعالى: * (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) * (2) و * (إنما المؤمنون إخوة) * (3) و * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) * (4). وقد ترد والمراد به الحصر، كقوله: * (إنما أنا بشر مثلكم) * (5) وعند ذلك فيجب اعتقاد كونها حقيقة في القدر المشترك بين الصورتين، وهو إثبات الخبر للمبتدأ نفيا للتجوز والاشتراك عن اللفظ، وبأن كلمة " إنما " لو كانت للحصر لكان ورودها في غير الحصر على خلاف الدليل، وهو خلاف الأصل، وليس فهم الحصر في صورة الحصر من غير دليل لعدم انحصار دليل الحصر فيها.
وقد يحتج أيضا: بأنه لا فرق بين قولك: إن زيدا قائم، وإنما زيد قائم، فإن " ما " فيها زائدة فتكون بحكم العدم، كما في قوله تعالى: * (فبما رحمة من الله لنت لهم) * (6)، ومع الشك في زيادة المعنى بها فالأصل عدمها، ولا يخفى فساد القول المذكور، فإن المدار في إثبات اللغات على اللغة والعرف، وقد عرفت تطابقهما على المعنى المذكور، ولو فرض وقوع الخلاف فيه من أهل اللغة فاللازم تقديم قول المثبت فيه على النافي سيما مع تأيده بما عرفت. وما ذكر من التعليل لنفي الدلالة واضح الفساد، فإن استعمالها في غير الحصر لو ثبت ففي غاية الندرة، وإنما