توقف الثاني على الأول، والانتفاء بالانتفاء من اللوازم البينة للتوقف، وليس جزء من مفهومه، كما لا يخفى.
والحاصل: أن مفاد التعليق على الشرط كمفاد قولك: هذا شرط في هذا، أو متوقف على كذا، فكما أن كلا من اللفظين دال بالدلالة الالتزامية على انتفاء المشروط بانتفاء الشرط وانتفاء المتوقف بانتفاء ما يتوقف عليه فكذا في المقام، وإن اختلفا في ظهور الدلالة فالدلالة هناك من قبيل المنطوق - كما مرت الإشارة إليه - وهنا من قبيل المفهوم.
فإن قلت: إنه ليس مفاد قولك: " هذا متوقف على هذا " إلا إناطة وجوده بوجود الآخر، وعدمه بعدمه، فيكون الانتفاء عند الانتفاء مدلولا تضمنيا كذلك، وكذا قولك: " هذا شرط في كذا " لاخذ الانتفاء عند الانتفاء في معنى الشرط، فكيف يعد ذلك من دلالة الالتزام ويستند إليه في محل البحث؟
قلت: الظاهر أن الدلالة على الانتفاء بالانتفاء في المقامين التزامية، فإن توقف الشئ على الشئ هو افتقاره إليه بحيث لا يتحقق إلا بتحققه، فالانتفاء بالانتفاء من لوازم المعنى وقيوده بحيث يكون التقييد داخلا والقيد خارجا، كما لا يخفى عند التأمل الصادق. وكذا الحال في لفظ " الشرط " إذ هو ارتباط خاص يلزمه الانتفاء عند الانتفاء، فالمأخوذ فيه هو التقييد المذكور، وأما نفس القيد فهي خارجة عن معناه، وتعريفه بأنه ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود تعريف باللازم، كما هو ظاهر لفظ " اللزوم " المأخوذ في حده، فإذا كانت الدلالة في صريح لفظ " الشرط " و " التوقف " التزامية فكيف تكون دلالة الجملة الشرطية الظاهرة في التوقف والشرطية تضمنية؟
فالتحقيق: أنه ليس مفاد التعليق على الشرط إلا الحكم بوجود الجملة الجزائية عند وجود مصداق الجملة الشرطية على سبيل توقفه عليه وإناطته به، والانتفاء عند الانتفاء من لوازم تلك الإناطة، والارتباط المدلول عليها بالمنطوق.
حجة القول بكون الدلالة تضمنية وجوه: