وربما يستفاد القول به من السيد (قدس سره) في الذريعة حيث قال: إن الذي يقتضيه الأمر كون فاعله مريدا للمأمور به وإنه ليس من الواجب أن يكره الترك ثم ذكر الأمر المتعلق بالنوافل مع أنه سبحانه ما نهى عن تركها ولا كره أضدادها، فالظاهر على هذا وقوع الخلاف بالنسبة إلى الضد العام أيضا إلا أنه ضعيف جدا.
ويمكن تصوير القول بعدم الاقتضاء فيه بوجهين:
أحدهما: أن يكون مبنيا على القول بجواز التكليف بالمحال فيجوز عنده الأمر بالفعل وبالترك معا فلا يدل مجرد الأمر بالشئ على المنع من تركه.
وفيه: أن قضية القول المذكور جواز حصول المنع من الترك والأمر به معا فلا يلزم من حصول الأمر بالفعل والترك معا إلا حصول المنع من الترك والأمر بالترك، فيكون المنع من الترك حاصلا في المقام أيضا كما يقول به من لا يجوز التكليف بالمحال من غير فرق، كيف والقائل بجواز التكليف بالمحال لا يقول ببطلان دلالة التضمن أو الالتزام، غاية الأمر أن يقول: بجواز اجتماع الأمرين.
ثانيهما: أن يكون ملحوظ القائل المذكور أنه ليس الحاصل في المقام إلا تكليف إيجابي فقط من غير أن يتحقق هناك تحريم، بل إنما يكون المنع من الترك حاصلا بالتزام العقل من غير أن يكون هناك أمر آخر غير الإلزام المذكور فليس هناك إذن نهي عن الضد.
وأنت خبير بأنه إن تم التقرير المذكور - حسب ما يجئ بيانه إن شاء الله - أفاد كون الأمر بالشئ عين النهي عن ضده بحسب الخارج فيعود النزاع لفظيا حيث إن القائل بعدم الدلالة يقول: إنه ليس هناك شئ وراء إيجاب الفعل، والآخر يقول: إن المنع من الترك حاصل بحصول الإيجاب المذكور، ثم إنه قد وقع الخلاف أيضا بينهم في كيفية الاقتضاء في المقامين بعد اقتضاء أصل الدلالة، حسب ما قرره المصنف وسنشير إليه إن شاء الله في الضد العام.
ثالثها: أن جماعة من المتأخرين قرروا النزاع في المسألة في الواجب المضيق إذا كان ما يضاده واجبا موسعا وقالوا: إن الواجبين إما أن يكونا موسعين