ضده حسب ما يأتي بيانه إن شاء الله، وأما على القول بمغايرة الأمر بالشئ النهي عن ضده واستلزامه له فمن البين التزام القائل المذكور حينئذ بحصول تكليفين يكون أحدهما ملزوما والآخر لازما له، لكن لا بد من القول بكون أحدهما نفسيا والآخر غيريا، إذ لا يعقل القول بحصول تكليفين مستقلين في المقام يكون الأخذ بكل منهما مطلوبا في نفسه وفي حيال ذاته ليتفرع عليهما ثوابان على تقدير امتثالهما وعقابان على فرض العصيان حسب ما مر القول فيه في مقدمة الواجب.
والظاهر على هذا المذهب كون الخطاب به تبعيا، لوضوح عدم دلالة الخطاب أصالة إلا على تكليف واحد هو إيجاب ذلك الشئ وإنما يستفاد التكليف بالترك من جهة استلزامه له كما هو شأن الأحكام التبعية.
نعم لو قيل بحصول الدلالة اللفظية الالتزامية وسلم تنزيلها منزلة الدلالة المطابقية في تعلق الخطاب بمدلوله كان النهي عنه أصليا، لكن القول بحصول الالتزام اللفظي - في محل الخلاف على فرض ثبوت القائل به - موهون جدا كما ستعرفه إن شاء الله، ومع ذلك لا يترتب ثمرة على القول بتعلق الخطاب به أصالة والبناء على ثبوته تبعا حسب ما مر الكلام فيه في مقدمة الواجب، وحينئذ فما ذكره بعض الأفاضل - من أن الخلاف في المسألة في النهي الأصلي المتعلق بالضد دون التبعي فهو ليس من محط النزاع في شئ - بين الوهن، وهو نظير ما ذكره في مقدمة الواجب من كون الخلاف في وجوبها الأصلي بل النفسي أيضا، حسب ما مرت الإشارة إليه، وقد بينا هناك ما يرد عليه.
وما يتوهم في المقام: من أن ما فرع على الخلاف المذكور من فساد الضد إذا كان عبادة موسعة يدل على إرادة التحريم الأصلي لعدم ترتب الفساد على النهي التبعي، مدفوع بأنه إن كان عدم ترتب الفساد على النهي التبعي من جهة عدم تعلق صريح النهي به فهو بين الفساد، لوضوح أن الفساد المستفاد من النهي المتعلق بالعبادة ليس من جهة دلالة اللفظ عليه ابتداءا بل من جهة منافاة التحريم لصحة العبادة وحينئذ فأي فرق بين استفادة التحريم من اللفظ ابتداءا ومن العقل بواسطة