قلت: وأنت خبير بما فيه أما أولا: فبأنه لا داعي إلى تخصيص النزاع بالصورة المفروضة مع إطلاق كلام الأصوليين واختصاص الثمرة بالصورة المفروضة على فرض تسليمه لا يقضي بتخصيص النزاع، لإمكان وقوعه على سبيل الإطلاق وإن أثمر الخلاف في صورة مخصوصة، إذ لا يعتبر في ثمرة الخلاف جريانها في جميع جزئيات المسألة.
وأما ثانيا: فلأن اختصاص الثمرة بالصورة المفروضة محل نظر، لإمكان جريانها في غير الواجبات، فإنه إذا كان الضد من العقود أو الإيقاعات أمكن القول بفساده من جهة النهي المتعلق به بناءا على القول باقتضائه الفساد في المعاملات مطلقا وأيضا فلو كان الضد في نفسه من الأفعال المباحة فإن قلنا: بتعلق النهي به لم يصح الاستيجار عليه ولم يستحق العامل أخذ الأجرة عليه، لاندراجه إذا في أجور المحرمات.
ثم إن جريان الثمرة بالنسبة إلى المندوبات كالصلاة المندوبة والتلاوة والزيارة ونحوها ظاهر، ولا وجه لتخصيص الحكم بالواجب.
وأما ثالثا: فلأن الحكم بخروج المضيقين عن محل الخلاف غير ظاهر، وما ذكر من الوجه إنما يقضي بعدم جواز تعلق التكليف بهما معا وأما إذا كان التكليف بهما على الترتيب فمما لا مانع منه حسب ما يأتي تفصيل القول فيه إن شاء الله.
وما ذكروه من خروج الأمر بالموسع عن محل الكلام فإنما يصح إذا لوحظ بالنسبة إلى الفعل الواقع في أجزاء الوقت قبل تضيق الواجب، إذ من البين حينئذ عدم اقتضائه النهي عن ضده مطلقا ولو عن ضده العام بمعنى الترك، إذ لا منع حينئذ عن تركه ولا يقضي ذلك بتخلف اقتضاء الأمر بالشئ عن المنع عن تركه، بل ولا النهي عن أضداده، بناءا على القول به بل قضاؤه بذلك حينئذ على نحو دلالته على الوجوب، فكما أنه يفيد وجوب الفعل في تمام الوقت بمعنى إلزامه بأدائه في المدة المضروبة في الجملة فيفيد المنع عن إخلاء تمام الوقت عن الفعل المفروض وتركه فيه، بل والمنع عن أضداده الوجودية المانعة عن الإتيان به كذلك.