ثالثها: أنه يصح صدور الأوامر الامتحانية من السلطان بالنسبة إلى رعيته، ومن السيد إلى عبده وليس هناك إرادة للفعل مع أنها أمر على الحقيقة.
رابعها: أنه قد ينسخ الأمر قبل حضور وقت العمل به، فلو كان هناك مريدا للفعل لزم أن يكون مريدا وكارها للفعل الواحد في الوقت الواحد بالجهة الواحدة، وهو محال.
فإن قلت: إن الإرادة والكراهة إنما تعلقتا بالفعل في زمانين مختلفين فلا مضادة بينهما.
قلت: اختلاف زماني الإرادة والكراهة غير متعقل في المقام مع اتحاد زمان الفعل وجهته، إلا في صورة البداء والنكول عن الشئ، وهو على حقيقته مستحيل على الله تعالى، وأيضا فالإرادة والكراهة من صفاته تعالى وليستا حاصلتين في الزمان ليختلف الحال فيهما بحسب اختلاف زمانيهما، فيستحيل اجتماعهما.
وأورد على الأول بالمنع من عدم إرادة الإيمان من الكافر، وما ذكر لإثباته من الوجهين مردود.
أما الوجه الأول فبأن العلم تابع للمعلوم، فلا يؤثر في وجوده ولا عدمه، فهو على إمكانه، وما يتراءى من تفريع المحال عليه نظرا إلى لزوم انقلاب علمه تعالى جهلا إنما نشأ من فرض تعلق العلم به، كما أنه يستحيل وقوع أحد النقيضين أو الضدين على فرض وقوع نقيضه أو ضده الآخر، وذلك لا يقضي باستحالة ذلك الشئ، ضرورة أن استحالة وقوع الشئ على فرض لا يقضي باستحالته مطلقا، كذا أجاب عنه العلامة (رحمه الله) في النهاية.
ويشكل بأن تابعية العلم للمعلوم إنما يقضي بعدم استناد وقوع المعلوم إلى العلم، بل لما كان المعلوم حاصلا في وقته بحسب الواقع نظرا إلى حصول أسبابه تعلق العلم به على ما هو عليه، وذلك مما لا ربط له بالمقام، إذ المقصود إثبات استحالة وقوع خلاف المعلوم نظرا إلى تفريع المحال عليه، وهو لا يستدعي استناد وجود المعلوم إلى العلم.
فإن قلت: على هذا يكون استحالة وقوع خلاف المعلوم مستندا إلى العلم،