عليه، لما عرفت من انتفاء المنافاة بين الأمرين.
وما ذكر في وجهه بعد ذلك من أن طلب الشئ على سبيل الندب هداية وإرشاد ولا يلزم فيه اعتبار الاستعلاء غير متجه، فإن عدم لزوم اعتبار الاستعلاء لا يستلزم عدم حصوله، فأي مانع إذن من اختصاص لفظ " الأمر " بصورة حصوله، كما أن الطلب الحتمي لا يستلزم الاستعلاء، ضرورة حصوله أيضا في الالتماس والدعاء، مع اختصاص صدق الأمر عليه إذا صدر من غير العالي، بما إذا كان حصوله على سبيل الاستعلاء.
على أن القائل بعدم دلالته على الوجوب لا يلزمه القول بكون الأمر هو الطلب الصادر من العالي، لا من حيث إنه مستعل، بل لو جعل مفاده هو الطلب من العالي سواء كان مستعليا أو لا صح ما ذكره.
وإن قلنا باستلزام الاستعلاء للإلزام فعدم أخذه خصوص الاستعلاء في مفهوم الأمر كاف في تصحيح ما ذكره من غير حاجة إلى اعتبار خلافه حسب ما ألزمه به في ظاهر كلامه وإن أمكن توجيهه بحمله على عدم أخذ الاستعلاء فيه، سواء اتفق حصوله أو لا.
إلا أنه بعيد عن العبارة كما لا يخفى، مضافا إلى أنك قد عرفت اكتفاء أحد الأمرين فيه من العلو والاستعلاء حسب ما قررنا، وعليه فالكلام المذكور ساقط من أصله.
فظهر بما ذكرنا أن من اعتبر الاستعلاء في مفهوم الأمر لا يلزمه القول بدلالته على الوجوب، وكذا تبادر علو الآمر واستعلائه من لفظ " الأمر " إن سلم لا دلالة فيه على اعتبار الإلزام، وكذا ظهوره عرفا في الطلب الحتمي لا يفيد ذلك، فإنه كظهور مطلق الطلب فيه من باب انصراف المطلق إلى الفرد الكامل كما سنشير اليه إن شاء الله تعالى.
وقد يحتج لوضعه للمعنى الأعم تارة بتقسيم الأمر إلى ما يكون على سبيل الوجوب، وما يكون على سبيل الندب، وظاهر التقسيم أن يكون المقسم حقيقة في الأعم.