فيه، لرجحان الأول من وجوه شتى.
ومع الغض عن ملاحظة كلامهم فالرجوع إلى التبادر كاف في إثباته، إذ لا يستفاد من التثنية والجمع عرفا إلا تعدد المعنى المعروض للأفراد، ويشهد له ملاحظة الاستعمالات.
نعم، لا يجري ذلك في تثنية الأعلام وجمعها، وقد عرفت قضاء الدليل فيهما بالتصرف في معروضيهما، وأما تثنية الضمائر والموصولات وجمعهما فلا يبعد كونهما موضوعات ابتدائية كمفرداتها، هذا إن قلنا بكون الوضع فيهما عاما والموضوع له خاصا، وإلا فلا إشكال، على أنه من جهة اتحاد الوضع فيهما يكون المعنى المستفاد منهما أمرا واحدا.
وإن كان اللفظ موضوعا بإزاء خصوصياته فالتعدد المأخوذ في تثنيتهما وجمعهما إنما يلحق ذلك المعنى الواحد المعروض للوحدة في مفرداتهما، فتأمل.
إذا تقرر ما ذكرناه فبناء التثنية والجمع مع فرض تعدد المراد من مفرديهما خروج عن وضع التثنية والجمع، فيفتقر جوازه على وجود العلاقة المعتبرة في العرف بأن لا يكون خارجا عن مجاري الاستعمالات، وهو غير ظاهر، بل الظاهر خلافه كما يظهر بالتأمل في موارد الإطلاقات.
على أن التصرف في الأوضاع الحرفية مقصور على السماع في الغالب، ولذا اعتنى علماء العربية بضبط معانيها المجازية حتى أنه ذهب بعضهم إلى لزوم نقل الآحاد فيه، وقد مرت الإشارة اليه.
قوله: * (لكان ذلك بطريق الحقيقة) * أورد عليه أنه لا حاجة إلى ضم المقدمة المذكورة للاكتفاء في المقام بمجرد الاستعمال، سواء كان بطريق الحقيقة أو المجاز، إذ المفسدة المدعاة إنما تتبع وقوع الاستعمال مطلقا، فيكفي أن يقال: إنه مستعمل حينئذ في هذا وحده وفي هذا وحده، والتناقض حاصل بذلك.
وأجيب عنه بأن المقدمة المذكورة لا بد منها في المقام، إذ لو فرض عدم الالتفات