قوله: * (وهو غاية الخضوع) * قد يستشكل في المقام بأنه لو أريد به ذلك لم يتجه تخصيصه بكثير من الناس إن أريد به الخضوع التكويني وإن أريد به التكليفي فلا يعم ما عدا المكلفين فلا يصح إسناده إلى غيرهم أيضا.
ويدفعه: أن المراد به مطلق الخضوع الأعم من الوجهين، إلا أن ذلك إذا أسند إلى غير ذوي العقول انصرف إلى الأول وإذا أسند إلى ذويها انصرف إلى الثاني، لظهور الفعل المنسوب إليهم فيما صدر منهم على سبيل الاختيار.
أو يقال: إن الكفار من ذوي العقول، لما تعارض فيهم الخضوع التكويني والعناد والاستكبار الحاصل منهم في مقام التكليف تعادلا، فكأنه لا خضوع فيهم.
أو يقال: إن الفائدة في تخصيصهم بالذكر شرافتهم وظهور الخضوع والانقياد بالنسبة إليهم بخلاف غيرهم.
ويؤيد ذلك اندراج الكل في قوله تعالى: * (من في السماوات ومن في الأرض) * (1) فيكون ذكر الخاص بعد العام لأحد الوجهين المذكورين، فلا حاجة إلى التزام التخصيص في الأول.
وقد يجعل ذكر الشمس والقمر وغيرهما أيضا من ذلك بناء على شمول من في المقام لذوي العقول وغيرهم، تنزيلا للكل في المقام منزلة أرباب العقول.
هذا، ولنختم الكلام في المرام بالتنبيه على أمور:
أحدها: أن الظاهر أن البحث في المقام إنما هو في المشترك، وأما غيره من الألفاظ المتحدة في الصورة المختلفة بحسب المعنى مما أشرنا اليه - كالألفاظ المشتركة من جهة الإعلال أو غيره، والألفاظ المشتركة بين المفرد والمركب التام أو غيره - فالظاهر خروجها عن موضوع البحث في المقام.
لكن قد عرفت أن الوجه المذكور لجواز استعمال المشترك في معانيه جار فيه، وأما الوجه الذي ذكروه للمنع فلا يخلو جريانه فيه عن تأمل (2).