ومما يشير إلى ما قلناه أيضا أن اتحاد اللفظين قد يكون باتحادهما في أصل الوضع - كما هو الحال في المشترك على ظاهر حده - وقد يكون بالعارض نظرا إلى طرو الطوارئ - كما إذا اتحد المفرد والتثنية في اللفظ من جهة إضافته إلى المعرف باللام - وقد يكون اتحادهما في الصورة مع كون أحدهما لفظا واحدا موضوعا لمعنى مخصوص والآخر متعددا بملاحظة أوضاع شتى لأبعاضه، كما في: " سلعا " و " سل عن " و " عبد الله " بملاحظة وضعه العلمي ومعناه الإضافي، و " تأبط شرا " بالنسبة إلى معناه التركيبي والعلمي.
فلو قيل بجواز إرادة معاني عديدة من اللفظ لوضعه بإزائها فلا بد من القول بجوازه في جميع ذلك إن لم يكن هناك مانع من جهة الحركات الطارئة، كما أشرنا اليه في أول البحث.
والتزام ذلك في غاية البعد، بل قد يقطع بفساده بعد ملاحظة الاستعمالات، والبناء على التفصيل مع اتحاد المناط مما لا وجه له أيضا، فتأمل في المقام جيدا.
ثالثها: أن الحروف اللاحقة للأسماء أو الأفعال إنما تفيد معاني زائدة متعلقة بتلك الأسماء أو الأفعال، فهي ليست قاضية بخروجها عن معانيها وأوضاعها الحاصلة لها قبل لحوقها كما هو معلوم من ملاحظة الاستعمالات، ولا أقل من قضاء الأصل بذلك حتى يثبت المخرج، وحينئذ فالنفي الوارد على اللفظ إنما ينفي المعنى الثابت له قبل طروه، فلا وجه إذن للتفصيل بين النفي والإثبات، لكون النفي مفيدا للعموم فيتعدد مدلوله. بخلاف الإثبات فإنه إذا أفاد العموم فإنما يفيده بالنسبة إلى معناه قبل طرو النفي والمفروض أنه لا تعدد فيه حينئذ فكيف! يعقل تعدده بعد ورود النفي عليه فغاية ما يفيده إذن هو العموم بالنسبة إلى المعنى الواحد، ولا كلام فيه.
نعم، إذا قلنا بأن مدلول المشترك عند الإطلاق هو أحد المعاني الصادق على كل منها كما هو أحد الوجوه فيما عزي إلى صاحب المفتاح أمكن التفصيل المذكور.
فإنه قد يقال بأن سلب أحد المعاني إنما يكون بسلب الجميع لصدق نقيضه