للماهيات من حيث هي الشاملة للوجود منها في الذهن أو الخارج فصح ما ذكر من التفصيل.
قال بعض أفاضل المحققين: إن هذا هو الحق الذي لا محيص عنه إن أريد بوضع الألفاظ للجزئيات الموجودة في الذهن أو الخارج وضعها للذوات المعينة التي لو كانت موجودة لكانت موجودة في الذهن أو الخارج، على أن يكون الوجود الخارجي أو الذهني وضعا تقديريا للموضوع له، فإنه لو اعتبر الوجود جزء من الموضوع له أو وصفا محققا له - كما يوهمه ظاهر القول بأنها موضوعة للموجودات الذهنية أو الخارجية - كان فاسدا، فإنا نقطع بأن المفهوم من زيد مثلا ليس إلا الذات المشخصة من دون التفات إلى كونها موجودة في الخارج أو معدومة فيه، ولذا صح الحكم عليه بالوجود والعدم الخارجيين وجاز التردد في كونه موجودا في الخارج أو لا، قال (رحمه الله): والظاهر أن مراد القائل هو ذلك المعنى وإن كانت عبارته موهمة لخلافه.
قلت: إن صح ما ذكر في الاحتجاج على وضع الجزئيات للأمور الخارجية أو الذهنية من عدم تعين الماهية مفهوما إلا بعد ضم الوجود - بأن لا يكون هناك وراء عين الوجود الخارجي أو الذهني أمر يوجب تعين ذلك المفهوم - فحينئذ كيف يمكن أن يتعين لها ذات من دون انضمام الوجود الخارجي أو الذهني إليها، وأيضا بعد فرض عدم تعين الماهية بملاحظة الخارج إلا بانضمام عين الوجود الخارجي إليها مع ما هو واضح من عدم إمكان حصول عين الوجود الخارجي في الذهن لا يمكن القول بحصول مفهوم الجزئي في الذهن، نظرا إلى عدم إمكان حصول ما يعينه فيه، فحينئذ كيف يصح القول بوضع الألفاظ بإزائها؟ ضرورة كون المقصود من وضعها إحضار معانيها بالبال عند استعمال ألفاظها والمفروض امتناع حصولها كذلك.
وإن قيل بإمكان تعين الماهية بحيث تكون مفهوما يمتنع صدقه على كثيرين مع قطع النظر عن تحقق الوجود له في الخارج وعدمه - كما هو قضية ما ذكر