وما قد يتخيل في المقام في توجيه ذلك من أن المعلوم في الأمور الخارجية هو نفس الأمر الخارجي من غير حصول صورة منه في النفس، فيكون تلك الأمور هي المعلومة بالذات بخلاف الأمور الغير الموجودة فبين الوهن، إذ قضية ذلك انحصار المعلوم في الأمور الخارجية بالأمر الخارجي من غير أن يكون هناك معلوم آخر بالتبع، وهو خلاف ما يقتضيه كلامهم من تعدد المعلومين ووقوع الخلاف فيما هو معلوم منهما بالذات وما هو معلوم بالتبع، فإن ذلك صريح في كون النزاع فيما يكون العلم فيه بحصول الصورة كما ذكرنا فلا تغفل.
هذا وقد يجعل النزاع في المسألة لفظيا من جهة أخرى، وذلك بحمل كلام القائل بوضعها للأمور الذهنية على إرادة الماهية من حيث هي بناء على إطلاقهم اسم الصورة عليها في بعض المقامات، وحمل كلام القائل بوضعها للأمور الخارجية على ذلك أيضا، نظرا إلى كونها في مقابلة الصور نفسها فهي أمور خارجة عن تلك الصور من حيث كونها إدراكات، وإرجاع القول بالتفصيل اليه أيضا بناء على أن القول بوضع الجزئيات الخارجية أو الذهنية للأمور الخارجية والذهنية إنما يعني بها المفاهيم الجزئية التي لو وجدت كانت في الخارج أو الذهن، وحمل القول بوضعها للماهيات على إرادة المفاهيم على الوجه المذكور قريب جدا، فيرجع الحال في الجميع إلى القول بوضع الألفاظ للمفاهيم كلية كانت أو جزئية.
ولا يذهب عليك أن حمل كلماتهم على ذلك مجرد احتمال، فإن كان المقصود من ذلك احتمال جعل النزاع لفظيا فلا بأس به وإلا فلا شاهد عليه، مضافا إلى أن حمل القول بوضعها للصور الذهنية على إرادة المفاهيم من حيث هي في كمال البعد، وإطلاق الصورة على الماهية وإن ورد في كلامهم لكن الظاهر إطلاقها على الماهية المعلومة، نظرا إلى اتحادها مع الصورة، وأما إطلاقها على الماهية من حيث هي فبعيد عن ظواهر الإطلاقات.
والتقريب في ذلك بأن الماهيات التي توضع لها الألفاظ لما كانت معلومات