قلت: الجزئي - كما عرفت - ما يستحيل صدقه على كثيرين بحسب الوجود الأصيل، وقيام الجزئي الحقيقي من حيث الوجود الظلي بمحال متعددة لا مانع منه، لرجوعه إذن إلى أشخاص متعددة من العلم وإن كان المعلوم شخصا واحدا، والمحال حينئذ قيام شخص واحد من العلم بمحال عديدة.
قوله: * (إما أن يتساوى معناه) * لا يذهب عليك أنه لا يجري شئ من القسمين المذكورين في الكليات الفرضية، إذ لا صدق هناك حتى يتساوى أو يتفاوت، فتكون واسطة بين القسمين المذكورين، وإنما لم يتعرضوا لها نظرا إلى أنه لا فائدة في البحث عن الأمور الممتنعة، وقد يدرج ذلك في المتواطئ، لتساويها في الصدق على الأفراد الفرضية، نظرا إلى صدق تلك المفاهيم على أفرادها على نهج واحد مع قطع النظر عما هو خارج عنها، نظير ما قررنا صدق الكلي عليها، أو يقال: إن المراد بالتساوي عدم حصول التفاوت في الصدق، فيصدق مع انتفاء الصدق أيضا.
قوله: * (أو يتفاوت) * سواء كان الاختلاف بأولية، بأن يكون صدقه على أحدهما قبل صدقه على الآخر قبلية زمانية أو غيرها، والمقصود أن يكون بعض أفراده متقدما على غيره في صدق ذلك الكلي عليه بنفس ذلك الكلي لا بغيره، فليس من ذلك تقدم صدق الانسان على الأب بالنسبة إلى صدقه على الابن، إذ التقدم هناك إنما هو في صدق الانسان عليه خارجا لا بنفس الانسانية، فهو من التقدم في الوجود نظرا إلى توقف وجود الابن على وجود الأب، ولا تقدم له بالنسبة إلى نفس الانسانية، إذ ليس صدق المفهوم مطلقا على الابن متوقفا على صدقه على الأب.
أو بأولوية، بأن يكون صدقه على بعض الأفراد بالذات دون بعض آخر.
أو بأشدية، بأن يكون ذلك المفهوم في بعض الأفراد أقوى من البعض.
وقد يعبر عن الثلاثة بالأولوية، لحصولها بكل من الاعتبارات المذكورة،