لم يعقل كون العارض له عارضا لذلك المحل سواء كان جوهرا أو عرضا قائما بغير المحل المذكور، ولو أطلق العروض في مثله فعلى سبيل المجاز دون الحقيقة، وهو خلاف الفرض، إذ الكلام في العوارض الحقيقية وإن كانت غريبة بالنسبة إلى معروضاتها، فإذا ثبت ذلك لزمه صحة حمل الواسطة على المحل حسب ما مر بيانه من صحة حمل العوارض على معروضاتها بالاعتبار المتقدم.
فبما قررنا ظهر فساد ما ذكر من تسديس الأقسام على النحو المذكور، وجواز كون الواسطة في العروض مباينة للمعروض، وكذا ما مثل له من عروض اللون للجسم بتوسط السطح. وما مثل أيضا من عروض الحركة لجالس السفينة فأبين فسادا منه، إذ لو أريد بالحركة في المقام مجرد الخروج من حيز إلى آخر فلا ريب في كونها عارضة لذات الجالس، وإن أريد بها صدور الحركة منه ومبدئيته لها فمع أنه ليس من حقيقة الحركة ليس مسندا إلى السفينة أيضا، وإنما يسند إلى الماء أو الريح المحرك لها.
ولو صحح ذلك بدعوى جعل القاسر في السفينة مبدأ للحركة المفروضة تزول الحركة بزواله ففيه: بعد تسليمه أن ذلك غير عارض للجالس في السفينة بوجه، إذ ليس فيه مبدأ الحركة المفروضة لا أصالة ولا تبعا، وإنما هو من عوارض السفينة خاصة، وهو ظاهر.
ثم إن ما ذكر من اعتبار المساواة في الوجود في الأعراض الذاتية إذا كان عروضها لأمر غير الذات ليكون المراد بالمباين في الأعراض الغريبة أيضا هو المباين في الوجود مما لا يكاد يصح كما لا يخفى (1). هذا كله بالنسبة