بيان ذلك: أنه إن جعل الواسطة في العروض فيما يفتقر إلى واسطة فيه الأعراض القائمة بمحالها المباينة لمعروضاتها - كما هو الشأن في العروض - كان الحمل في جميع ما يفتقر إلى الواسطة الخارجية بتوسط الأمر المباين، ولا يتحقق هنا واسطة خارجية، لا تكون مباينة للمعروض بحسب الصدق، ضرورة تباين كل عرض لمعروضه، فلا يتجه الحكم بكون بعض الوسائط مباينا في الصدق دون البعض.
وإن جعل الواسطة فيه العرضيات والمشتقات المحمولة على المعروضات لم يتحقق هناك مباينة بالنسبة إلى شئ منها، ضرورة صحة حملها على الذات من غير فرق في ذلك بين خصوصيات الأعراض، فما ادعى من الفرق بين الفساد، وليس السطح بالنسبة إلى الجسم إلا كالتناهي والسواد وغيرهما من الأعراض من غير تعقل فرق في المقام، فكما لا يعد توسط التعجب في عروض الضحك للإنسان من توسط المباين فكذا الحال في توسط السطح في عروض اللون.
فإن قلت: إن ما حكم فيه بكون الواسطة غير مباينة من المثال المذكور هو توسط المتعجب في عروض الضاحك، وهو كذلك، ضرورة صدق المتعجب على الانسان.
قلت: يجري الاعتبار المذكور بعينه في توسط السطح، بأن يجعل المسطح واسطة في عروض الأبيض مثلا، فالفرق الحاصل في المقام إنما هو باعتبار المبدأ أو المشتق، وهذا يجري في كل الأعراض، فلا يصح الفرق بينهما في ذلك، مضافا إلى أن ما ذكر في الجواب من كون المسطح واسطة في المثال جار في المتعجب أيضا، إذ المتعجب على ما قرره هو ذات الانسان إن أريد به المصداق، وإن أريد به المفهوم فمن البين أن الضحك إنما يعرضه من جهة التعجب الحاصل منه في الخارج دون ذلك المفهوم حسب ما قرره في عروض اللون بتوسط السطح غير أن الفرق بينهما أن ذلك واسطة في العروض وهذه في الثبوت على وجه.
ثم إن ما ذكرناه يجري بعينه بالنسبة إلى العارض بتوسط الجزء سواء كان أعم