في المثال المفروض إنما هي المماسة أو المقاربة ونحوهما، وهي أمر خارج عن الموضوع أعم منه، فيصح حملها عليه.
وقد يورد على ذلك:
أولا: بأن الواسطة لا تنحصر فيما ذكر، إذ قد يكون الوسط أمرا مباينا للشئ، ويكون حمل العارض على ذلك الوسط مصححا لحمله على ذلك المعروض كما في حمل الأبيض على الجسم، فإنه بتوسط السطح المباين للجسم، فيحمل أولا على السطح، ويحمل بتوسط حمله عليه على الجسم، وإن جعل الارتباط الحاصل بين السطح والجسم واسطة في ذلك فهو أيضا أمر مباين للجسم.
والقول بأن الواسطة إنما هو المسطح دون السطح مدفوع بأن المراد بالمسطح إن كان ما صدق عليه ذلك فهو عين الجسم، وإن كان مفهومه فليس ذلك واسطة في المقام، بل الواسطة هو عروضه للسطح الموجود في الخارج.
وثانيا: أن المراد بالوسط في المقام هو الواسطة في العروض، وذلك بأن يكون المحمول ثابتا للوسط أولا وبالذات، ويكون بتوسطه ثابتا للذات، لا بأن يكون هناك ثبوتان، بل ثبوت واحد ينسب إلى الواسطة بالذات وباعتبار الواسطة المفروضة إلى الذات، وليس المراد به الواسطة في الثبوت التي هي أعم من ذلك كما قد يتوهم حسبما يأتي الإشارة إليه، كيف وقد اتفقوا على أن السطح من الأعراض الذاتية للجسم مع أنه إنما يعرضه باعتبار الانتهاء الذي هو أعم من الجسم، لعروضه للسطح والخط فيعرض بسببه، وكذا الخط للسطح والنقطة للخط، وحينئذ فلا وجه للتفصيل المذكور في المقام، ولا لعد العارض لأمر خارج أعم أو أخص من الأعراض الغريبة مطلقا، إذ لو كان الخارج واسطة في الثبوت وكانت الصفة عارضة للذات أولا وبالذات من دون اعتبار عروضها أولا لغيرها كانت من الأعراض الذاتية.
ومن ذلك يظهر فساد جعل النار أو مماستها أو مقاربتها واسطة في المقام،