ولا يمتنع أن يسمى أيضا جميع ذلك استدلالا، وانما يختص بتسميته الاكتساب ما يفعله ابتداءا، على ما بيناه عند الانتباه، فان ذلك لا يجوز أن يسمى استدلالا.
ومن حق العلوم المكتسبة أن تتأخر عن الضرورية، لأنها فرع عليها، أو كالفرع.
وأما الظن: فعندنا وان لم يكن أصلا في الشريعة تستند الاحكام إليه (1)، فإنه تقف أحكام كثيرة عليه، نحو تنفيذ الحكم عند الشاهدين، ونحو جهات القبلة، وما يجرى مجراها، فلا بد أن نذكر (2) حده.
وحده: (ما قوى عند الظان كون المظنون على ما ظنه، ويجوز مع ذلك كونه على خلافه).
وهذا أولى مما قاله قوم من أنه: (ما أوجب كون من وجد في قلبه ظنا) (3)، لأنه بهذا (4) لا يبين (5) من غيره، لأنه يحتاج بعد إلى تفسير، فالأولى ما ذكرناه.
وبما قلناه يبين من العلم، لان العالم لا يجوز كون ما علمه على خلافه. وكذلك به يتميز من الجهل، لان الجاهل يتصور نفسه بصورة العالم فلا يجوز خلاف ما اعتقده، وان كان يضطرب عليه حاله فيما (6) يجهله، من حيث لم يكن ساكن النفس، ولأنه اعتقاد لا على ما هو (7) * به، وليس كذلك الظن.