بعض المفسرين عند ذكر هذه الآية لبعض أهل المعارف.
إذا سكن الغدير على صفاء * وجنب أن يحركه النسيم يرى فيه السماء بلا امتراء * كذاك الشمس تبدو والنجوم كذاك قلوب أرباب التجلي * يرى في صفوها الله العظيم وهو العزيز الذي لا يغالب ولا يمانع بل قد غلب كل شئ وقهر كل شئ بقدرته وسلطانه الحكيم في أقواله وأفعاله شرعا وقدرا وعن مالك في تفسيره المروي عنه عن محمد بن المنكدر في قوله تعالى (وله المثل الاعلى) قال لا إله إلا الله.
ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون (28) بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدى من أضل الله وما لهم من نصرين (29) هذا مثل ضربه الله تعالى للمشركين به العابدين معه غيره الجاعلين له شركاء وهم مع ذلك معترفون أن شركاءه من الأصنام والأنداد عبيد لملك له كما كانوا يقولون: لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك. تملكه وما ملك. فقال تعالى (ضرب لكم مثلا من أنفسكم) أي تشهدونه وتفهمونه من أنفسكم (هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء) أي يرضى أحدكم أن يكون عبده شريكا له في ماله فهو وهو فيه على السواء (تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) أي تخافون أن يقاسموكم الأموال. قال أبو مجلز إن مملوكك لا تخاف إن يقاسمك مالك وليس له ذاك.
كذلك الله لا شريك له. والمعنى أن أحدكم يأنف من ذلك فكيف تجعلون لله الأنداد من خلقه وهذا كقوله تعالى (ويجعلون لله ما يكرهون) أي من البنات حيث جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا وجعلوها بنات الله وقد كان أحدهم إذا بشر بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب فهم يأنفون من البنات وجعلوا الملائكة بنات الله فنسبوا إليه ما لا يرتضونه لأنفسهم فهذا أغلظ الكفر وهكذا في هذا المقام جعلوا له شركاء من عبيده وخلقه وأحدهم يأبى غاية الاباء ويأنف غاية الانفة من ذلك أن يكون عبده شريكه في ماله يساويه فيه ولو شاء لقاسمه عليه (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا).
قال الطبراني حدثنا محمود بن الفرج الأصبهاني حدثنا إسماعيل بن عمرو البجلي حدثنا حماد بن شعيب عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان يلبي أهل الشرك لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك. فأنزل الله تعالى (هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) ولما كان التنبيه بمثل هذا المثل على براءته تعالى ونزاهته عن ذلك بطريق الأولى والاخرى. قال تعالى (كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون). ثم قال تعالى مبينا أن المشركين إنما عبدوا غيره سفها من أنفسهم وجهلا (بل اتبع الذين ظلموا) أي المشركون (أهواءهم) أي في عبادتهم الأنداد بغير علم (فمن يهدي من أضل الله) أي فلا أحد يهديهم إذا كتب الله ضلالهم (وما لهم من ناصرين) أي ليس لهم من قدرة الله منقذ ولا مجير ولا محيد لهم عنه لأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون (30) * منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين (31) من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون (32)